قرار الرئيس عبد المجيد تبون، المتعلق بتوظيف حاملي شهادة الماجستير والدكتوراه، تاريخي بامتياز، فقد جاء ليصحح وضعا غير معقول طال به الأمد، وجاء كي يستعيد للجامعة الجزائرية مكانتها في الواقع المعيش، بعد أن أرغمتها الحاجة إلى سدّ الثغرات على استعمال ما يسمى (الساعات الإضافية) التي يؤديها متخرّجون بطالون، يرجون مراكمة شيء من (الخبرة) كي يقتحموا مسابقات التوظيف التي لا يمكن وصفها إلا بالـ(فيها وعليها)..
وليس قرار التوظيف وحده الذي يثلج الصّدر، فقد سجّل الرئيس تبون حرصه على ترسيخ الصورة النموذجية العليا لـ»الجامعي»، فوضع النقاط على الحروف، وأشار إلى ما ينبغي أن تحظى به النخبة الجامعية من «العناية والاهتمام»، ووصفها بأنها «صمام الأمان في كل القطاعات»، وهذه سابقة تاريخية يحقّقها الرئيس للجزائر، بعد (عصور) من الاستهانة بالعلم والانتقاص ممن يطلبه، ظلت تتواتر بظلاميتها إلى أن ترسّخت في الأذهان صورة الأستاذ الجامعي (المغبون)، فصار يعرف بـ(الاسم الغالي والجيب الخالي) الذي لا قيمة له ولا مقام أمام «عظمة» و»شطارة» (روكي البزناسي)!!..
قلنا من قبل، إن قرارات الرئيس تبون تنبع من عمق حاجة المجتمع، فهو يحسّ بآلام المغلوبين على أمرهم، ويستمع إلى آهاتهم، ويتحرّى ما يخفّف عنهم، بل يسارع إلى إنصاف المظلومين، ورفع الغبن عن الضعفاء، ولا يتأخر في تلبية نداءات المستغيثين، وليس من المجاملة في شيء، إن قلنا اليوم إن الرئيس تبون يؤسس لتقاليد في الحكم الراشد، وأساليب في التسيير الحكيم، لم يسبق لنا أن عشناها كمواطنين..
إن توظيف حاملي الشهادات العليا، هو تصحيح لوضع خاطئ طال به الأمد، أما استعادة مقام الأستاذ الجامعي، ومنحه مكانته المرموقة التي ينبغي أن يحظى بها، فهي الفتح المبين الذي يتحقق للجزائر الجديدة..