رقم مذهل ذاك الذي قدمه المدير العام للوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار، وهو يعلن على هامش أشغال “ملتقى إفريقيا للاستثمار والتجارة”، أن عدد المشاريع المسجلة بالوكالة ارتفع بنسبة مائة وواحد وعشرين بالمائة، في ظرف لا يتجاوز ستة أشهر، وهو ما يعني أن قانون الاستثمار الجديد حقق أهدافه، وألقى بثمراته إلى ميادين العمل الجادّ من أجل التأصيل للتّوجه الاقتصادي الجديد..
ولم نشكّ أبدا بأن النتائج ستكون في مستوى طموح الجزائريين، فقد أكد الرئيس تبون، غير مرّة، أن العام الجاري سيكون عام اقتصاد بامتياز، وسيحقق للجزائر الجديدة مكانتها المستحقة في المحفل العالمي. لكنّنا – بصراحة – لم نكن نتوقّع أن تتحقق الطفرة في مثل هذا المدى الزمني القصير، خاصة مع الصعوبات (العجائبية) التي خلّفتها عشريات طوال من الفساد المدقع، وما تراكم من عقليات (التواكل) و(المعريفة) والإقصاء الممنهج للكفاءات، مع سبق الإصرار والتّرصد.. وفوق هذا كله، تنزّلت «الجائحة» لتكون عقبة إضافية مع ما تراكم من موبقات..
ونعترف أن الرئيس تبون أخذ الكتاب بقوّة الوطني المخلص، ودرس الأمر بفكر الحكيم المتمرّس، وأقبل على التغيير بعزيمة المجاهد الثائر، فأعلن الحرب على عقليات الفساد والكساد، وكافح البيروقراطيات البائدة المقيتة، وفرض عدالة القانون، واستمع إلى آهات المغبونين من الناس، واتّخذ من التزاماته الأربعة والخمسين فروضا أوجبها على نفسه، يطالع ما تحقق منها، ويحث الجهاز التنفيذي على ما يخدم التأسيس للجزائر الجديدة، بالتوجيهات الصارمة، والتعليمات النافذة، والرؤى السديدة، حتى إنه حوّل «مجلس الوزراء» إلى موعد دوري يترقبه المواطنون بلهفة لمعرفة الجديد..
صراحة.. الرئيس تبون لم يترك حجّة لليائسين، وإنما فسح السبل جميعها أمام الصادقين كي يسهموا في جهد البناء، ولم يبق سوى التشمير على السواعد، والصدق في أداء الواجب، فالجزائريون رجالة، والجزائر تستحق المكانة اللائقة..