يحرص المخزن على منع الأكاديميين والصحفيين الأوروبيين من الوصول إلى الصحراء الغربية، (أملا) في إبقاء الحقائق المرعبة التي يعيشها الصحراويون، بعيدا عن العالم، كي يخلو له الجوّ، و(يستفرد) بالمغبونين من الناس، فيذيقهم الويلات التي يفرضها عليهم منذ خمسين سنة..
ويبدو أن المخزن يصدّق (مواهبه الخارقة) في خنق الحقائق الساطعة، فهو يطرد كل من يرغب في الاطلاع على حال الصحراويين بمدينة العيون المحتلة، ويعتمد في «الطّرد» أسلوبا شرسا، يمهره بأدوات (التحقير) و(الإهانة)، فهو يبالغ في العداوة والعدوان تجاه كل من ينبس بكلمة في حق الصحراويين العزّل، ولعل ما أقدم عليه تجاه الباحث الإيطالي روبرتو كانتوني، يدلّ دلالة واضحة على أن المخزن واثق في موهبته الغراء، وأنّها يمكن أن تغطي الشمس المشرقة بغربال الأكاذيب..
ولم يكن الدكتور كانتوني يرغب في شيء، عدا الاطلاع على «الحقيقة» في الميدان. ولعله لم يخطر على باله، أو أنه لم يكن يصدّق بأن المخزن مصاب بـ(حساسية معمّقة) من روائح «الحقيقة»، فهذه تصيبه بـ (الكحة) و(ضيق التنفس) و(تصلّب الأعصاب)، وهو ما وقف عليه الأكاديمي الإيطالي، حين وجد نفسه في مواجهة طغمة أخرجته من الأرض، حتى لا يرى ما يعيش المظلومون تحت نير الاستعمار الغاشم..
وقد يكون واضحا أن واقع الشعب الصحراوي المرّ، لا يحتاج إلى إقامة الحجج والبراهين، فالصحراء الغربية، بما هي آخر مستعمَرة في إفريقيا، تنقل آلامها وآمالها إلى الجميع، والعالم لا تنقصه الوسائل لمعرفة الحقائق، ولكنه يواصل الصمت على مأساة شعب كامل يتعرض، يوميا، إلى أبشع الجرائم الإنسانية..
خمسون عاما مضت منذ إعلان حرب التحرير المباركة بالصحراء الغربية، والصحراويون صامدون في خندق الحرية.. فليواصل المخزن حرصه على طمس الحقائق، وليذكر المثل العربي الشهير.. ما ضاع حق، وراءه طالب..