تتميز علاقات الصداقة التي تجمع الجزائر والبرتغال ببعدها التاريخي وبإرتكازها على الإحترام المتبادل وحسن الجوار والتشاور المستمر، ومن شأن هذه العلاقات أن تتعزز أكثر بمناسبة زيارة الدولة التي يشرع فيها رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، إلى هذا البلد إبتداء من يوم الإثنين على مدى يومين.
تندرج هذه الزيارة في إطار تعزيز علاقات الصداقة التاريخية والتعاون وحسن الجوار بين البلدين ودفعها نحو آفاق جديدة ومجالات أوسع لمنفعة الشعبين الجارين.
وتأسست العلاقات الدبلوماسية المتينة بين البلدين سنة 1975 وارتقى مستوى التعاون إلى التوقيع على معاهدة الصداقة وحسن الجوار يوم 8 جانفي 2005، وتسعى قيادتا البلدين إلى تعزيز مكتسبات هذه العلاقة الإستراتيجية وفتح المجال من أجل علاقات متميزة بين البلدين.
وتعد الجزائر شريكا أساسيا وموثوقا، وهي التي لعبت دورا هاما في دعم المعارضة الديمقراطية ضد الديكتاتورية في البرتغال سابقا، مثلما صرح به وزير الدولة والشؤون الخارجية البرتغالي، أوغوشتو سانتوش سيلفا، لدى زيارته إلى الجزائر العام الماضي.
وذكر عقب استقباله من طرف الرئيس تبون، أنه في سنة 1975، تم الإمضاء بالجزائر على اتفاقية سمحت باستقلال العديد من الدول الإفريقية التي استعمرت من طرف البرتغال وهو ما شكل –مثلما أضاف– “ميلاد دول تتحدث اللغة البرتغالية”.
وللبلدين أهمية كبيرة في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط، حيث تطبع الثقة المتبادلة التعاون بينهما، لاسيما في مجال مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية وفي مجال الأمن والاستقرار في المنطقة وإرساء علاقات حسن الجوار بين الدول والشعوب.
وتتقارب وجهات نظر البلدين بخصوص مختلف المسائل الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك، كما يتقاسمان نفس المبادئ الدبلوماسية القائمة على مبدأ الاحترام المتبادل والندية واحترام إرادة الشعوب، سيما وأن البرتغال أدرجت في دستورها مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها.
ويساهم البلدان في تطوير التنسيق السياسي والأمني والتشاور في إطار منظمات التعاون الإقليمي ويشاطران منتديات مشتركة من بينهما مجموعة 5+5.
وتسعى قيادتا البلدين إلى توطيد العلاقات الجيدة في المجالين السياسي والدبلوماسي والارتقاء بمستوى التعاون الاقتصادي إلى آفاق أوسع.
وتعزز التعاون الدبلوماسي البرلماني في مارس 2022 بتنصيب المجموعة البرلمانية للصداقة الجزائرية-البرتغالية التي من شأنها تمتين علاقات الصداقة بين الشعبين والارتقاء بمستوى التنسيق والتشاور.
إعطاء نفس جديد للتعاون الإقتصادي وفق مبدأ المنفعة المتبادلة
وفي المجال الاقتصادي، تسعى الجزائر إلى تعزيز مكانتها كأهم شريك للبرتغال في القطاع الطاقوي وتطمح إلى توسيع التعاون إلى مجالات أخرى، على غرار الطاقات المتجددة والصناعة والأشغال العمومية والمؤسسات الناشئة والفلاحة والسياحة، وذلك من خلال إعطاء نفس جديد للتعاون القائم بين البلد ين وفق مبدأ المنفعة المتبادلة.
وتسعى أيضا إلى تعزيز تواجد الاستثمارات البرتغالية في السوق الجزائرية عبر شراكات مربحة.
ولهذا الغرض، انعقدت منتصف الشهر الجاري بالجزائر العاصمة الدورة السادسة لفريق العمل المشترك للتعاون الاقتصادي الجزائري-البرتغالي، برئاسة كل من وزير الصناعة والإنتاج الصيدلاني، علي عون، ووزير الاقتصاد والبحر البرتغالي، أنطونيو كوستا سيلفا.
وتوجت هذه الدورة بالتوقيع على محضر يتضمن تقييم التعاون الثنائي والمحاور الكفيلة بتعزيزه قصد تطوير أسس التعاون الاقتصادي والتجاري.
وشهدت الدورة مشاركة ممثلين عن قطاع تكنولوجيات الإعلام والاتصال، الأشغال العمومية، المالية، الصناعة والإنتاج الصيدلاني، الري، الفلاحة، التجارة، الطاقة، النقل، السكن والمؤسسات الناشئة.
وتعد الجزائر بالنسبة للبرتغال شريكا أساسيا وموثوقا في عالم غير واضح المعالم على المستوى الاقتصادي والجيوسياسي، حسب وزير الاقتصاد البرتغالي الذي أكد في تصريح سابق له عقب اختتام أشغال الدورة السادسة لفريق التعاون، إرادة بلاده في تعزيز الاستثمارات في الجزائر حتى “تتضاعف خمس مرات خلال السنوات الخمس القادمة”.
وبهذا الصدد، ستحتضن العاصمة البرتغالية منتدى الأعمال الجزائري-البرتغالي بهدف تقريب المستثمرين من البلدين وبحث فرص التعاون والشراكة المتاحة وإعطاء دفعة للتعاون الاقتصادي بين البلدين.
وفي إطار التحضير لهذا المنتدى، تم الاتفاق على تفعيل مذكرة التفاهم الموقع عليها في 2014 بين الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار والوكالة البرتغالية للتجارة والاستثمار وإعادة بعث اللجنة التقنية المشتركة بينهما.
وسيكون اللقاء الذي سيجمع بين رجال الأعمال في البلدين فرصة لتعريف المتعاملين البرتغاليين بالامتيازات المطروحة في قانون الاستثمار الجزائري الجديد وتبادل المعلومات بين المؤسسات التي تنشط في مختلف القطاعات