دعت الجزائر وفلسطين، المجتمع الدولي لتمكين الشعب الفلسطيني من حقوقه غير القابلة للتصرف في “العودة” وبناء “دولة مستقلة” عاصمتها القدس الشريف، وشددتا على حشد جهود الدول الشقيقة والصديقة لنيل فلسطين عضويتها الكاملة في الأمم المتحدة، وجددتا التأكيد على أهمية تحقيق الوحدة الوطنية لفلسطين لمواجهة جرائم الكيان الصهيوني المستمرة منذ 1948.
في سابقة تعد الأولى من نوعها، احتضنت الجزائر ملتقى دولي حول ذكرى النكبة الفلسطينية، في عامها الـ 75، نظمته وزارة المجاهدين، أمس، بالتعاون مع وزارة الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج والسفارة الفلسطينية بالجزائر.
المناسبة المميزة، التي أقيمت بالمركز الدولي للمؤتمرات، شهدت زخما سياسيا ونضاليا هاما، أبرز الروابط المتجذرة بين العقيدة الثورية للبلدين، من خلال شخصيات سياسية وأخرى صنعت الكفاح المسلح ضد الاستعمار وفي سبيل استرجاع السيادة الوطنية والاستقلال.
وبعد مداخلات، اختتم الملتقى المقام تحت شعار “النكبة جريمة مستمرة، العودة حق”، بالتأكيد على الصمود والثبات إلى غاية انتصار الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، ودعوة المجتمع الدولي وبالأخص الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بتحمل مسؤوليته وتكريس قرارات الشرعية الدولية.
وفي كلمته الختامية، قال وزير المجاهدين، العيد ربيقة “نحن المجتمعون في ملتقى ذكرى النكبة الفلسطينية، وإيمانا منا بمناصرة القضية الفلسطينية، وانطلاقا من قناعتنا الراسخة بحقوق الشعب الفلسطيني وانطلاقا من مبادئ الأمم المتحدة، نؤكد ان الكيان الصهيوني يشكل بؤرة توتر دائمة في الشرق الأوسط ويشكل تهديدا دائما للسلم والأمن الدوليين”.
وشدد ربيقة على أنه “لا مناص من تطبيق الشرعية الدولية وتكريس حق الشعب الفلسطيني غير القابل للتصرف، في العودة على أرضه وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف”.
وفي إشارة إلى تنظيم ذكرى النكبة للمرة الأولى من قبل الأمم المتحدة على مستوى جمعيتها العامة، أشاد ربيقة بهذه التطورات المهمة، وثمن حصول فلسطين على عضوية مراقب داعيا البلدان الشقيقة والصديقة على حشد جهود لتمكينها (فلسطين) من الحصول على عضوية دائمة.
الوزير، ناشد شعوب للعالم وبرلماناتها ومنظماتها باتخاذ جميع التدابير الاقتصادية، الاجتماعية، الثقافية، السياسية والدبلوماسية من أجل اعداد خطة أممية لإنهاء الاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية.
ليجدد التذكير بمواقف الجزائر، الداعمة لحق الشعوب في تقرير مصيرها، ومناهضة الاستعمار بشتى أشكاله وعدم الرضوخ لسياسات فرض الأمر الواقع، قائلا: “نؤكد على دعم الجزائر للقضايا العادلة في العالم وحق الشعوب في تقرير مصيرها وفي مقدمتها حق الشعب الفلسطيني”.
وطالب الوزير باسم المجتمعين في الملتقى، بعودة اللاجئين الفلسطينيين وإنهاء كافة أشكال الاضطهاد للمواطن الفلسطيني وإنهاء الفصل العنصري في الأراضي المحتل، ووقف جميع الانتهاكات بحق هذا الشعب وإزالة جميع أشكال الاستيطان وخطط التوسع إلى جانب “حماية الفلسطينيين من العقوبات وسياسة البطش الجماعي الذي تمارسه قوات الاحتلال الغاصب”.
وطالب المتحدث بإطلاق سراح جميع الأسرى الفلسطينيين والعرب القابعين في سجون الصهاينة، ليدعو في المقابل إلى دعم الجهود لإعادة القضية للواجهة باعتبارها قضية العرب والمسلمين، وتنسيق المواقف والمبادرات الهادفة لاستنهاض الضمير العربي لدعم القصية ونضال الشعب الفلسطيني.
وحذر في المقابل، من خطر التطبيع والاختراق الذي ينتهجه الكيان الصهيوني، لضرب وحدة الصف العربي وإضعاف اهتمامه بقضيته المركزية، لافتا مرة أخرى “التضامن والدائم مع الشعب الفلسطيني حتى ينتهي الاحتلال وينال جميع حقوقه المشروعة غير القابلة للزوال والتقادم والتصرف”.
قيم ثابتة
وفي السياق، أبرز المشاركون في الملتقى الدولي، جهود الجزائر، في نصرة القضية الفلسطينية، والسعي الحثيث لتوحيد الصف الفلسطيني، في إشارة إلى مؤتمر الوحدة الوطنية للمّ الشمل والمصالحة المنعقد يومي 12 و13 أكتوبر الماضي، وانتهى بإعلان وقعته كافة الفصائل.
وقال وزير المجاهدين، إن “الجزائر تقف معلنة بصوت عال دفاعا عن حقوق الإنسان الفلسطيني وحقه في إقامة دولته وعاصمتها القدس”، وأفاد بأن دعم الجزائر المطلق لفلسطين يأتي امتثالا “لقيم ثورتنا المجيدة ومبادئها الخالدة”، مذكرا بنجاح القمة العربية 31 التي احتضنتها الجزائر في نوفمبر الماضي، والتي استبقتها بجمع الفلسطينيين على اتفاق للمصالحة وإعادة الزخم العربي لقضيتهم تحت عنوان “لمّ الشمل وحشد الأشقاء وكل الأصدقاء للدفاع عن واحدة من أكثر قضايا العالم عدالة وشرعية”.
وامتدادا لهذا المسعى، أثنى الملتقى على مخرجات القمة العربية الأخيرة بجدة، “التي أكدت مركزية القضية الفلسطينية واعتبرتها المحور الجامع التي يتوحد حوله العمل الجامع العربي مثلما أكده رئيس الجمهورية عبد المجيد في خطابه بالمناسبة”.
وكان وزير المجاهدين، قد أكد في افتتاح أشغال الملتقى، أن “الجزائر لن تغير مواقفها في دعم الحق الشرعي في تصفية الاستعمار الصهيوني وإقامة دولة فلسطين”، مشددا على أنها “ ولن تفوت أي فرصة لإدانة الجرائم الصهيونية ولفت اهتمام الرأي العام الدولي لهذه الانتهاكات”.
وتابع ربيقة بأن “القضية الفلسطينية ظلت وستبقى قضيتنا المركزية”، مستشهدا بكلمة الرئيس تبون في القمة 32 بجدة، والتي كان ثلثا مضمونها مخصصا لقضية “العرب المركزية، قناعة بالانتصار للحق المشروع”، مضيفا بأن التاريخ دائما ما سجل للجزائر أن مواقفها هي الأكثر صدقا وصوابا.
ولفت ربيقة لفت في مستهل كلمته إلى الجذور التاريخية لنصرة الشعب الجزائري، فلسطين والمسجد الأقصى، عندما استدل بمشاركة جزائريين ضمن جيش الفاتح صلاح الدين الأيوبي، وتحرير القدس، والتي يحمل أحد أحيائها اسمهم، تخليدا لتضحياتهم وبطولاتهم.
وإلى جانب الشعار الخالد “نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة”، أكد الوزير ان الجزائر لن تساوم أو تهادن في أي محفل من المحافل الدولية على حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة.