أكد المشاركون في الندوة السنوية للجنة تصفية الاستعمار (لجنة 24)، التي جرت في بالي (اندونيسيا)، من 24 الى 26 ماي الجاري، دعمهم الثابت للقضية الصحراوية وحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير.
في هذا الصدد، أشار ممثل الجزائر الدائم لدى الأمم المتحدة، عمار بن جامع ،في كلمته منذ البداية، الى ان المجتمع الدولي “يوجد فعليا في العقد الرابع من القضاء على الاستعمار و مع ذلك فقد تم احراز تقدم ضئيل للغاية في مسار تصفية الاستعمار”، مضيفا ان “ذلك يشكل لعديد البلدان، بما فيها الجزائر، مصدر قلق حقيقي”.
و استوقف المجتمع الدولي في هذا الخصوص، مشددا التأكيد على انه من الضروري جدا اليوم، و اكثر الحاحا من اي وقت مضى، تحديد النقائص التي أدت الى وقف الزخم من اجل تحقيق الهدف الرئيسي المتمثل في تصفية الاستعمار، و هو المسار العائد الى حقبة اخرى و الذي لا ينبغي ان يشوبه أي تأويل خاطئ.
في هذا السياق، ذكر ممثل الجزائر الدائم لدى الأمم المتحدة، بانه “من بين الأقاليم ال17 المدرجة في جدول اعمال اللجنة، هناك الصحراء الغربية، آخر مستعمرة في افريقيا، المدرجة كذلك منذ 1963، التي لا تزال دون افاق ملموسة لتسوية عادلة ونهائية و ذلك منذ ازيد من نصف قرن”.
كما اعرب عن ارتياحه للمواقف التي عبرت عنها عديد الوفود في صالح حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، مشيرا الى ان “الجزائر تجدد التأكيد عن قناعتها المبدئية و التزامها الثابت في الدفاع بلا هوادة عن حق شعب الصحراء الغربية و جميع الشعوب في تقرير مصيرها”.
وذكر بان الصحراء الغربية لازالت تنتظر التطبيق الكامل للائحة التاريخية رقم 1514، مع الاشارة الى ان هذا المسار الخاص بتصفية الاستعمار يواجه عديد العراقيل منذ عقود عديدة، سيما محاولات التشكيك في طبيعة تسويته كمسالة تصفية استعمار.
وفي معرض تطرقه للطبيعة القانونية للقضية الصحراوية، اكد الدبلوماسي الجزائري انها “لا تشوبها شائبة و واضحة كل الوضوح، حيث تم تأكيدها بانتظام في اللوائح الأممية ذات الصلة، سواء تلك الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة او عن مجلس الامن الدولي، و التي اكدت جميعها و ايدت الحق المشروع لشعب الصحراء الغربية في تقرير المصير”.
وتابع يقول في هذا الصدد، ان حق الشعب الصحراوي “ثابت، طبقا لعقيدة الأمم المتحدة في مجال تصفية الاستعمار، المتضمنة خاصة في اللائحة 1514 لسنة 1960 و مبادئها ال12، سيما تلك المتعلقة بالمعايير و الخيارات من اجل تصفية الاستعمار لإقليم عبر الممارسة الحرة للحق في تقرير المصير”.
كما اكد بن جامع، “ان الوقت قد حان للجنة ال24، التي تقع على عاتقها مسؤولية كبيرة في هذا الخصوص، لتقدم مساهمة ملموسة، عبر اتخاذ جميع الوسائل الممكنة، بما في ذلك زيارة البعثات الى الإقليم من اجل احراز التقدم في مسار تصفية الاستعمار في صالح الشعب الصحراوي و من اجل فائدة منطقتنا و لتحقيق ذلك، فانه لا يوجد بديل عن الارادة الحرة لشعب الصحراء الغربية”.
و أضاف يقول، ان “فرض أي امر واقع او اي تصريح او عمل احادي الجانب لن يكون له أي اثر قانوني على مبدا تقرير المصير”، قبل ان يؤكد ان “الجزائر كبلد ملاحظ جار، ستواصل الاضطلاع بشكل مسؤول و بكل شفافية بواجبها تجاه لاجئي الصحراء الغربية و دعم جهود الأمين العام الاممي”، و التأكيد على إرادتها في التعاون بشكل كامل مع مبعوثه الشخصي في جهوده.
و أكد أن “الجزائر ستواصل العمل بطريقة بناءة مع لجنة تصفية الاستعمار لأجل القضاء نهائيا على الاستعمار في الصحراء الغربية”.
و ذكرت عديد الوفود من دول كوبا وبوليفيا وتيمور الشرقية وأنغولا وبليز واندونيسيا وجنوب افريقيا ونيكاراغوا وناميبيا، بتمسكها بتطبيق اللائحة 1514، ودعت إلى ضرورة تسريع مسار تصفية الاستعمار في الصحراء الغربية.
الممثل المغربي يتخبط في تناقضاته
من جهة أخرى، وخلال جلستي مخصصتين للمداخلات في إطار حق الرد، قدم عمار بن جامع حججا دامغة كرد على تصريحات ممثل المغرب، عمر هلال الذي اعتاد على اخراج النقاش من اطاره الصحيح مستعملا في ذلك مراوغاته المألوفة.
وكرد على تأكيد الممثل المغربي بأن ملف الصحراء الغربية قد “أغلق منذ 1975” من خلال التوقيع على اتفاقية مدريد، تحدى بن جمعة ممثل المغرب ، مواجها إياه بتناقضاته عندما ادعى، من جهة، ان اقليم الصحراء الغربية “ينتمي” إلى المغرب، ومن جهة أخرى، في عدم التحلي بأي ضمير في التوقيع على اتفاق تقاسم هذا الاقليم بذاته مع موريتانيا.
وفي ذات الصدد، أشهد الدبلوماسي الجزائري جميع المشاركين في الندوة على أفعال المغرب، ووضع هذا البلد وممثله أمام مسؤوليتهم من خلال التذكير بمحتوى البيان المشترك الصادر في 16 مايو 1988 بين الجزائر والمغرب، والذي أكدا فيه على دعم
“حل عادل ونهائي لنزاع الصحراء الغربية من خلال تنظيم استفتاء تقرير المصير، منتظم وحر، في جو من الصدق ودون أي قيود”.
أما بخصوص انكار الطبيعة القانونية لقضية الصحراء الغربية، فقد أوضح السيد بن جامع أن منظمة الأمم المتحدة تعتبرها مسألة تصفية استعمار وقضية سلم وأمن.
وأكد في هذا الإطار على أن “مسار تصفية الاستعمار يبقى غير مكتمل، وكذلك الحال فيما يخص المسار السياسي الذي يؤطره مجلس الأمن”.
وقبل تقديمه في الختام لحجج دامغة، ذكر المتحدث بالتقرير السنوي للأمين العام للأمم المتحدة، بما فيه تقرير هذه السنة، الذي أشار إلى أن “مجلس الأمن يعتبر قضية الصحراء الغربية مسألة سلم وأمن، داعيا إلى ايجاد حل عادل ودائم ومقبول من الطرفين بما يضمن للشعب الصحراوي حق تقرير المصير”، في حين إن اللجنة الرابعة للجمعية العامة ولجنة تصفية الاستعمار يرون الصحراء الغربية كإقليم غير مستقل و كمسألة تقرير المصير.