رحيل الزّميل الخلوق الطيب، المتسامح مع كل من يؤذيه، فنيدس بن بلة، كان صدمة كبيرة بالنسبة لي، عرفته منذ التحاقي بجريدة “الشعب” سنة 2005، تعوّدنا على رؤيته في قاعة التحرير ببشاشته ونبل أخلاقه في التعامل مع عمال مؤسسة “الشعب”، ولا يغضب أبدا ودائما متسامحا مع الآخرين، لا يشتكي وجعه لأحد.
عندما عيّن مديرا لمؤسّسة “الشعب” في 2019، بقي على بساطته لم يتغيّر في أسلوب تعامله مع عمال المؤسسة، يستقبل كل من يقصد مكتبه بالإبتسامة البريئة وروح المداعبة التي عهدناها فيه، أتذكّر مرة تشاجرتُ معه حول تغيير عنوان بصفحة “التاريخ” التي كانت تنشر أسبوعيا بالجريدة، فأتى إلى قاعة التحرير وقام بتقبيل رأسي احتراما وقال لي “سامحيني ما نزيدش نمس في العناوين، نشاورك قبل ما نمس فيهم”، كانت تلك قمّة الأخلاق من صحفي مهني كفء ووطني، مخلص في عمله على حساب صحته.
كانت مؤسسة “الشعب” بالنسبة للمرحوم فنيدس، مقدّسة يعتبرها منزله الثاني، يقضي وقته كله في الجريدة، ويحرص على أن لا تكون أخطاء تمس بسمعة المؤسسة وصحفييها، يبقى لساعات متأخرة من الليل، حتى في شهر رمضان الكريم.
كان ينصحنا دائما بالتأكد من صحة الخبر، وعدم كتابة المقال من وجهة نظر واحدة بل الإستماع لكل الأطراف، لتكون هناك مصداقية في نقل الخبر، ويوصينا بتجنب العناوين الطويلة التي تنفّر القارئ، كان دائما يحرص على المهنية في عملنا.
أتذكّر آخر مكالمة معه قبل وفاته بحوالي أسبوعين، حيث كان مريضا جدا ويتحدّث بصعوبة، كان يوصيني بالاعتناء بصحّتي، فقدنا أحد إطارات مؤسّسة “الشعب” الذي لا يمكن تعويضه، رحمك الله يا فنيدس..أيّها الزّميل والأخ الطيب وأسكنك فسيح جناته.