فقدت جريدة “الشعب” واحدا من أهم رموزها خلال العشرية الأخيرة، ويتعلق الأمر بالزّميل فنيدس بن بلة رحمه الله، الذي نزل خبر وفاته كالصاعقة على قاعة تحرير الجريدة، وهذا بحكم أنه كان يظهر بصحة جيدة، إلا أن مضاعفات صحية تعرض لها مؤخرا زادت من معاناته وجعلته يلتحق بالرفيق الأعلى. هنا لا يفوتنا إلا أن نترحّم عليه وندعو له بالمغفرة، ومن ناحية الضمير المهني كان يتوجب علينا تسليط الضوء على جزء بسيط من شخصيته بحكم الاحتكاك اليومي به.
ارتبط المرحوم فنيدس بن بلة “فقيد المهنة والقلم” ارتباطا وثيقا بجريدة “الشعب”، حيث كان من العناصر الفاعلة التي ساهمت في الرفع من مستوى “أمّ الجرائد”، وجعلها تقوم بمهمتها الإعلامية النبيلة، ومن بين أهم ما كان يقوم به هو مرافقة الصحفيين الشباب في الجريدة خلال بداياتهم المهنية في التحرير.
الصّدمة كانت كبيرة بفقدانه، خاصة أنه ورغم إحالته على التقاعد كان دائم التردد على الجريدة التي لم يخف أنها بيته الثاني، ولا يستطيع مفارقتها حيث كان يحرص على التواجد في المقر من حين لآخر، وهو ما جعلنا نحس أنه لم يتقاعد ما زال معنا كزميل في التحرير.
التحاقي بجريدة “الشعب” كان في نهاية 2010 كصحفي متربص على مستوى القسم الرياضي، وكان حينها الراحل بن بلة رئيسا للقسم الوطني، حيث كان احتكاكه بنا في القسم الرياضي باستمرار بما أنه كانت له ثقافة رياضية جيدة، ويتابع باستمرار ما يصول ويجول على مستوى قاعة التحرير فيما يخص الأخبار الرياضية.
الاحتكاك الحقيقي مع المرحوم كان بعد أن تولى مسؤولية الإشراف على رئاسة التحرير، حينها كان الاحتكاك معه بشكل يومي، خاصة أنه من مديري التحرير الذين كانت لهم رغبة كبيرة في تطوير أداء القسم الرياضي، وهذا من خلال القيام بالعديد من المبادرات التي ساهمت في الرفع من مستوى التحفيز لدى العناصر لتقديم أفضل ما لديهم.
من الأمور الإيجابية التي جاء بها الراحل هو حرصه على إدراج أهم المواضع الرياضية وأبرازها في الصفحة الأولى، وهو ما كان يمنح الفرصة للمتابعين بأخذ فكرة عمّا يقوم به القسم الرياضي من مجهود في جلب المعلومة، وتغطية أهم الأحداث الرياضية بأفضل طريقة ممكنة.
اهتمامات بن بلة الرّياضية كانت كبيرة رغم أنّه وعلى غرار أغلب الشعب الجزائري كان يميل كثيرا إلى كرة القدم، حيث لم يخف أنّه من عشّاق النجم المعروف زين الدين زيدان، وكان في كل مرة يذكّر الجميع خلال المناقشات الشيقة معه أنّ زيدان يبقى حسبه أفضل ما أنجبت الكرة على مستوى العالم بعد الأسطورتين بيليه ومارادونا.
حبّ وعشق بن بلة لزيدان زاد أكثر مع انضمامه إلى ريال مدريد، ومساهمته الكبيرة في النجاحات التي حققها النادي الملكي، وهو ما يقودنا للحديث عن الحب الكبير للمرحوم لنادي ريال مدريد الذي يعتبره فريق “القلب”، وهنا كانت تحدث بيني وبينه بعض “المشاكسات” بحكم مناصرتي لنادي برشلونة الغريم التقليدي للريال.
لا يمكن نسيان تلك المناقشات الطويلة بيني وبينه قبل وبعد كل “كلاسيكو” بين الريال والبارصا، إلا أنه لا يمكن نسيان أيضا روحه الرياضية العالية فيما يخص تقبل الخسارة وعدم الهروب من المواجهة، حيث كان يؤكّد في كل مرة يخسر فيها الريال أمام البارصا أنّ الخسارة مستحقة، والمنافس كان الأجدر لتحقيق الانتصار.