بلغني خبر تدهور حالته الصحية، صبيحة السبت، قبل يوم واحد من وفاته، عندما عاد الزّميل كمال العربي من منزل الفقيد إلى مقر الجريدة، حاملا معه ملفه الطبي الذي طلبه منه الزّميل نور الدين لعراجي من أجل إدخاله إلى مصلحة بيار وماري كوري بمستشفى مصطفى باشا الجامعي في أقرب وقت، واتّفقت مع بعض الزميلات من أجل الاستعجال في عيادته، إلاّ أنّ إرادة الله كانت أسرع منّا جميعا، حيث استيقظت صبيحة الأحد على نبأ وفاته عبر “فيسبوك” الزّميلة سعاد بوعبوش.
تعرّفتُ على الأستاذ فنيدس بن بلة – رحمه الله – مع بداياتي الأولى في جريدة “الشعب” بشارع باستور سنة 2005، عندما كان رئيسا للقسم الوطني، وكنت أنا في قسم الإشهار، كان يناديني باسم “الدوز” نسبة إلى الترقيم الإداري لولاية تبسة التي أنحدر منها (١٢)، فأصبح ذلك الاسم يلازمني بين زملائي في الجريدة، وهناك من كان يتعجّب من الاسم، فيضحك المرحوم ويقول “مريم الدوز وفنيدس الدوز في اثنين” (نسبة إلى ولاية قالمة مسقط رأسه ٢٤).
بعدما تمّ تعيينه مديرا للتحرير بجريدة “الشعب”، أصبحتُ في اتصال مباشر معه، بحكم عملي كمصحّحة حيث أتذكّر دوما نصائحه القيّمة لي حول الكتابة الصّحفية، ويقول لي إنّها لا تحب الإطناب، بل الإيجاز قدر المستطاع حتى لا يمل القارئ، وكان المرحوم ينزعج لما يجد حرف الواو في بداية الجملة، ويطلب منّي قراءة المقال جيدا وتصحيحه والتأكد من صحة المعلومات، وهذا دليل على حرصه الشديد على سمعة الجريدة بالدرجة الأولى.
فنيدس الزّميل..فنيدس مدير التحرير..فنيدس الرّئيس المدير العام، علاقته مع عمّال الجريدة لم تتغيّر، بقي متواضعا مع الجميع، يتفقّد الأقسام، يسأل عن هذا ويمازح ذاك كعادته.
أيّها البطل..ستظل حيّا في قلوبنا، لن نوفّيك حقّك لما قدّمته لهذه الجريدة العريقة، أدّيت مهامك بكل إخلاص وتفانٍ، ولو على حساب عائلتك، والكل شاهد على ذلك من أجل أن تبقى مؤسّسة “الشعب” شامخة ورائدة الإعلام الوطني بدون منازع. رحم الله فقيد الجزائر.