أعلم أنّني لم أوفّيك حقّك مهما تحدّثت ومهما كتبت، لكنّني لن أخفي حزني الكبير لرحيلك عنّا، رحلت في هدوء تام، رحلت بطريقتك المعتادة، رحلت وأنا لا زلت أتذكّر أوّل يوم تعرّفت فيه على رئيسي في القسم الوطني.
يوم توجّهت إليك لأسلّم لك روبرتاجاتي الميدانية وأنا القادمة من ولاية قسنطينة، المدينة التي كنت دائما ما تقول لي أنّني خير مثال لهذه المدينة الرّمز، استقبلتني بابتسامة عريضة وقلت لي مرحبا بك بيننا، وكانت المرحلة الجديدة في حياتي، وأنت من كنت تؤطّرني بتوجيهاتك الذّهبية ونصائحك الفريدة، صقلت قلمي ومساري المهني، كنت تقول لي أنت سيدة الروبرتاجات، أنت صوت المواطن بالقرى المعزولة، كوني الصحفية التي تعكس جريدة “الشعب” العريقة، كوني أنت ويفي بنفسك.
فنيدس بن بلة القامة الإعلامية، صاحب القلم الهادئ، المسؤول الطيب والمدير الأب، كنت ولا تزال أبي الرّوحي، توجيهاتك لن أنساها ما حييت، كنت مع المراسل الصحفي في كل أوقاته العصيبة منها والسعيدة، أعطيته من وقتك رغم قلّته، جعلته رقما هامّا في الجريدة الأمّ، الجريدة التي أعطيتها من جهدك ووقتك وصحتك، رحلت ولن أنسى جبرك لنا في الأوقات الصّعبة، كنت سندا لنا وسنكون خير من ندعو لك، ما عساني أن أقول وأنا أعزّي نفسي فيك، ما عساني القول وأنا فقدت أبي الرّوحي ومثالي الأعلى، علّمتني الهدوء وعدم التّسرّع، وجّهتني، أصغيت لي، كنت الأستاذ والمسؤول والمدير والرّجل الذي لن يكرّره الزّمن.
تأكّد جدّا أنّني لن أنساك ما حييت.