اتسعت ظاهرة سرقة أغطية البالوعات عبر شوارع البلاد، وتحوّلت كثير من الطرقات إلى (أخطار غير معينة) قد (تهدي) لمن يسلكونها – في أية لحظة – (سقطات وغرقات) وخيمة العواقب، لا يسلم منها الراجل ولا السائق..
ولا يخفى أن الذي (يحرصون) على تعرية البالوعات، استهوتهم فكرة (التّدوير) وما تدرّه من مداخيل، فراحوا يهاجمون كل المعادن، ويستولون على كلّ ما يضيف إلى (الموازين)، ولا نستغرب مطلقا أنهم قد ينتبهون إلى أعمدة الكهرباء، بعد أن يفنوا أغطية البالوعات، فيسارعون إلى الانقضاض عليها مثل الجراد المنتشر..
ونعلم أن الأفكار بطبيعتها تتحمّل بالجانبين، الإيجابي والسلبي معا، والإنسان الذي يصرّفها يوجّهها نحو سبل الخيرات، أو يستغلها في السقاطات. فلا تسلم فكرة «الصلاة» – على سبيل المثال – بما هي خير كلّه لمن يؤديها لوجه الله عابدا مخلصا، أو تكون قمة الوبال على من يتوقف بتأديتها عند حدود «الرياء»، فالأفكار جميعها لا تختلف على هذا المستوى، ولهذا، صارت فكرة «التّدوير» التي تأسست من أجل استرجاع المواد التي يمكن إعادة تصنيعها، مشكلة عضالا للراجلين والسائقين الذين يكتشفون، مع كل صباح جديد، حفرا عميقة في الطرقات، ويكونون من ذوي الحظ العظيم إن انتبهوا لها قبل أن تصيب الناس بأذاها..
ونعتقد أن فكرة (رزق البايلك)، من أهمّ الأفكار «الهدامة» التي ما تزال تجد مرتعا وسعة في عقول الانتهازيين والوصوليين والباحثين عن الربح السريع، فهؤلاء لا يحسّون مطلقا بشيء يسمى «الواجب الاجتماعي»، ولا يرون سوى مصالحهم الضيقة، وهذه لا شفاء لها سوى صرامة القانون..