تطرح الحكومة في قادم الأيام، مشروع قانون يحدّد القواعد العامة المتعلقة بالصفقات العمومية.
في 39 صفحة يحمل في ثناياه 111 مادة تراعي في مجملها المبادئ الأساسية التي تحكم الطلب العمومي، ويواكب التغيرات العميقة للوضع الاقتصادي في البلاد. يستهدف مشروع القانون وضع حد لسياسة هيمنة فاسدين على مشاريع تنموية وإضفاء الشفافية والنزاهة في منح الصفقات، فيما ينص نفس القانون على إنشاء هيئة تدعى المجلس الوطني للصفقات العمومية.
في إطار مواصلة إصلاحات المنظومة القانونية والحكامة في تسيير الاقتصاد الوطني، تستعد الحكومة لطرح مشروع قانون يحدد القواعد العامة المتعلقة بالصفقات العمومية على نواب البرلمان بغرفتيه للمناقشة والإثراء. ويرى العديد من الخبراء والمتابعين للشأن الاقتصادي، أن مشروع القانون الجديد جاء في الوقت المناسب، خاصة وأن ميزانية 2023 وصفت بأنها الأضخم منذ الاستقلال، وهو ما يُنبئ بسنة حافلة بالمشاريع التنموية الجديدة ورفع التجميد عن مشاريع كبرى أخرى.
ينص مشروع القانون الجديد المحدد للقواعد العامة المتعلقة بالصفقات العمومية، تحصّلت “الشّعب” على نسخة منه، على أن الدعوة للمنافسة يمكن إجراؤها وفق إجراءات الاستشارة من دون دعوة شكلية للمنافسة، في حالات استثنائية، ويحل الإجراء التفاوضي المباشر والإجراء التفاوضي بعد الاستشارة محل التسميات الحالية وهي التراضي البسيط والتراضي بعد الاستشارة على التوالي.
ويتوافق هذا التغيير مع الأهمية الكبرى للتفاوض في هذين الإجراءين، ويمكن أن تتعلق المفاوضات بأسعار وشروط تنفيذ الصفقة العمومية. من خلال هذا النص، يلاحظ أن الدولة عازمة على التخلي عن مصطلح “منح الصفقات بالتراضي” وتعويضه بـ«استشارة من دون منافسة” وتكون في حالات استثنائية جدّا، حسب ما جاء في مشروع القانون.
مدوّنـة أخلاقيات للأعوان وتصريح بالنزاهة للمتعاملين
وبهدف إضفاء شفافية أكبر وتطويق كل أساليب الفساد، ينص مشروع القانون الجديد على أنه “في إطار مكافحة الفساد ودون المساس بالعقوبات الجزائية أو التدابير القسرية، تم النص على إعداد مدونة للأخلاقيات والسلوك المهني من قبل الوزير المكلف بالمالية موجهة للأعوان والموظفين العموميين المشاركين في إبرام الصفقات العمومية وتنفيذها ومراقبتها ويطلعون على محتواها ويتعهدون باحترامها، كما يتعيّن على المتعامل المتعاقد توقيع التصريح بالنزاهة”.
كما حمل نص مشروع القانون الجانب الرقمي والتطورات التكنولوجية الحاصلة في عالمنا اليوم، حيث نص على أنه وفي إطار “رقمنة إجراءات إبرام الصفقات العمومية، تنشأ بوابة إلكترونية للصفقات العمومية الذي يندرج ضمن إطار الإرادة الرّامية لرقمنة الحكومة والإدارة من جهة وشفافية الإجراءات من جهة أخرى”.
ويتضمن الفصل الأول أحكاما عامة وتمهيدية، حيث ينص على حرية الوصول الى الطلبات العمومية والمساواة في معاملة المرشحين وشفافية الإجراءات، من أجل ضمان نجاعة الطلبات العمومية والاستعمال الحسن للمال العام، كما ينص مشروع القانون على استفادة الأعوان العموميين من دورات تكوين مؤهل لتحسين المستوى والمعارف.
حالات استثنائيـة لإعفـاء صفقات من بنـود القانون
ويستثني نص مشروع القانون من تطبيق بنوده على حالات خاصة، تتعلق بالعقود المبرمة بين مؤسستين عموميتين أو أكثر أو هيئتين عموميتين أو الإدارات العمومية، أو بنك الجزائر أو إجراءات المنظمات والهيئات الدولية، أو المحامين بالنسبة لخدمات المساعدة أو هيئة مركزية للشراء أو في إطار المعاملات النقدية المنفذة في السوق المالية وعقود أخرى، حسب المادة 11.
وتنص المادة 13 على أن المؤسسات العمومية الاقتصادية، لا تخضع لقواعد إبرام الصفقات العمومية، غير أنه يتعين عليها إعداد إجراءات إبرام الصفقات حسب خصوصيتها على أساس المبادئ المنصوص عليها في المادة 5 من نفس القانون.
ونص مشروع القانون الجديد على أنه وكإجراءات خاصة وفي حال الاستعجال الملّح، يمكن الشروع في تنفيذ الخدمات قبل إبرام الصفقات العمومية بموجب قرار معلل من طرف مسؤول الهيئة العمومية أو الوالي أو رئيس المجلس الشعبي البلدي المعين في حالات خطر داهم يتعرض له ملك أو استثمار، أو خطر يتعلق بتهديد النظام العام أو حالة طوارئ تتعلق بأزمة صحية أو كوارث تكنولوجية أو طبيعية.
وأشار نص مشروع القانون، إلى أن هذه الخدمات تقتصر في تنفيذها على ما هو ضروري لمواجهة الظروف المذكورة.
ويراعي مشروع القانون الجديد، التقلبات في أسعار السلع التي تشهدها الأسواق العالمية. وتعفي المادة 22 الصفقات العمومية لاستيراد المنتجات والخدمات التي تتطلب من المصلحة المتعاقدة المعنية السرعة في اتخاذ القرار، بحكم طبيعتها والتقلبات السريعة في أسعارها ومدى توفرها، من أحكام هذا القانون التي لا تتلاءم مع هذه الصفقات، لاسيما تلك المتعلقة بطريقة الإبرام.
وينص مشروع القانون أن يقوم الوزير المعني بمناسبة كل عملية استيراد من العمليات المذكورة أعلاه، بتأسيس لجنة وزارية مشتركة خاصة، تتشكل من أعضاء مؤهلين في الميدان المعني برئاسة ممثل المصلحة المتعاقدة، تكلف بإجراء المفاوضات واختيار المتعامل المتعاقد.
تحدد قائمة المنتجات والخدمات المذكورة أعلاه بموجب قرار مشترك بين الوزير المعني والوزير المكلف بالمالية والوزير المكلف بالتجارة.
وحدد نص مشروع القانون الجديد كيفيات وإجراءات إبرام الصفقات العمومية، وفصّل فيها بداية من طلب العروض التي يجب أن يتم على أحد الأوجه التالية: طلب العروض المفتوح، طلب العروض المفتوح مع اشتراط قدرات دنيا، طلب العروض المفتوح المحدود، المسابقة.
كما أوضح نص القانون الحالة الاستثنائية للجوء لإجراء التفاوض في منح الصفقة، وجاء في المادة 40 “إجراء التفاوض هو إجراء تخصيص صفقة لمتعامل اقتصادي واحد دون الدعوة الشكلية إلى المنافسة، ويمكن أن يكتسي إجراء التفاوض شكل التفاوض المباشر أو التفاوض بعد الاستشارة. وتنظم هذه الاستشارة بكل الوسائل المكتوبة الملائمة”.
إلزاميـة الإشهـار في الصحافة المكتوبة والإلكترونيـة
تنص المادة 46 على أن اللجوء إلى الإشهار إلزامي عن طريق النشرة الرسمية لصفقات المتعامل العمومي وعن طريق الصحافة المكتوبة والصحافة الإلكترونية المعتمدة.
وينص مشروع القانون على تخصيص 20٪ من الطلب العمومي وفق دفاتر الشروط للمؤسسات الصغيرة جدا والصغيرة والناشئة والتي تشغّل نسبا دنيا من العمال ذوي الإعاقة، وهذا لحماية المنتج الوطني وترقية الأداة الإنتاجية.
وتعطى الأولوية للاندماج في الاقتصاد الوطني ومنتجات السوق الجزائرية ومنتجات ذات منشأ جزائري وتنص في دفتر الشروط على الشروط المطبقة على المناولة.