أثار بعض أولياء التلاميذ مسألة «صعوبة» امتحان الرياضيات، في امتحانات شهادة التعليم المتوسط الأخيرة، وذهبوا إلى أن التوقيت المخصص للمادة «لا يكفي» الموهوبين من الطلبة، بله عمّن يحاولون.. ليطالبوا – في الأخير – بـ»الرفق» في التصحيح حتى لا تضيع الجهود، وينتقل الموهوب مع (من يحاول) إلى القسم الأعلى..
ونعترف أننا لم نستوعب معنى (صعوبة)؛ لأنّنا لم نتعوّد على مقارنة المواد العلمية بمعايير (الصعب) و(السهل)، فالدرس صعبٌ – بطبيعته – على من يغفل عن متابعته، وهو سهل بسيط أمام من يغوص في تفاصيله، ويوليه انتباهه وعنايته. و»الرياضيات» لا تختلف عن باقي المواد، غير أنها أحيطت، في المخيال الجمعي، بهالة من الأساطير، تجعل الواحد من التلاميذ يرتجف خوفا لمجرد سماع اسمها..
ونعترف كذلك أنّنا لم نستوعب أسلوب تصنيف التلاميذ إلى (موهوبين) و(غير موهوبين)، فالأصل أن الأطفال جميعا يولدون بالقدرات نفسها، ويتمتعون بالحواس عينها، وحتى إن كان فيهم ذوو الاحتياجات الخاصة، فإن الفطرة تمنحهم قدرات عالية على تنمية مواهب عجائبية، ما يعني أن الفروق الفردية ليست أصولا، وإنما هي نتائج طبيعية لما يعيش الطفل في الواقع الاجتماعي، فهذا الواقع لديه من الإمكانات (الهرقلية) ما يحوّل الـ(إنشتاين) إلى (هبنّقة)..
ليست مسألة موهبة ولا صعوبة إذن، وإنما هي مسألة منهج تربوي يتحمّل مسؤوليته المجتمع بكلّ مكوّناته؛ ولهذا، لا ينبغي وصف التلميذ بـ»النقص» أو «عدم القدرة»، والمختصون التربويون أنفسهم يعترفون.. ليس هناك تلاميذ ضعفاء.. الأولياء والمربون هم الضعفاء..
عادة، عندما يطرح علينا موضوع (ضعف التلاميذ)، تحضرنا صورة «لاسي» في المسلسل الشهير، فنضرب الأخماس لأسداس، ونتساءل.. كيف يقدرون على تعليم كلبة بلا عقل، ونعجز عن تعليم إنسان خُلق في أحسن تقويم؟!
هذا هو الصعب..