ووري الثرى جثمان العلامة محمد الطاهر آيت علجت، ظهر اليوم الأربعاء بمقبرة عيسات إيدير ببني مسوس بالجزائر العاصمة، بحضور جمع غفير من المشيعين جاءوا من مختلف مناطق الوطن، لم تسعهم الساحة التي أقيمت بها صلاة الجنازة بمحاذاة المقبرة.
حضر مراسم تشييع جنازة الفقيد، الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمان، و مستشار رئيس الجمهورية المكلف بالشؤون القانونية والقضائية، بوعلام بوعلام، وأعضاء من الحكومة على غرار وزير الشؤون الدينية والأوقاف، يوسف بلمهدي ووزير المجاهدين وذوي الحقوق، العيد ربيقة ووزير الاتصال، محمد بوسليماني، إلى جانب الأمين العام لوزارة الدفاع الوطني، وعميد جامع الجزائر الشيخ محمد المأمون القاسمي الحسني، وإطارات سامية في الدولة، إضافة إلى جمع غفير من المواطنين ومن محبي وتلاميذ الشيخ ورفاقه في الجهاد، وكذا أئمة ودعاة.
وفي كلمة تأبينية، قال يوسف بلمهدي أن الجزائر تودع اليوم في الشيخ آيت علجت “عالما ربانيا فذا، فقيها، مقرئا وهو عالم الجزائر و مجاهدها” وهو بحق رجل ينبغي اتخاذه قدوة فتأخذ الأجيال من علمه وعمله”.
وأضاف أن الفقيد أسهم في جهاد التحرير إبان الاستعمار وفي جهاد التشييد بعد الاستقلال، حيث أنه “حمل السلاح ضمن كتيبة العقيد عميروش خلال الثورة التحريرية المجيدة وحمل بعد الاستقلال لواء الجهاد الأكبر، فخدم الثورة والعلم معا”.
وأشاد الوزير بما كان للشيخ من تقدير واحترام وتبجيل من طرف علماء العالم لما اتسم به من “دعوة وسطية وعلم راكز”.
وكان الشيخ العلامة محمد الطاهر آيت علجت قد انتقل إلى رحمة الله، ليلة الثلاثاء إلى الأربعاء، عن عمر ناهز 106 أعوام، بعد عمر أفناه في معركتي تحرير الوطن وتحصيل العلم وتبليغه.
ويعد الفقيد من مواليد بلدية تمقرة، دائرة أقبو بولاية بجاية سنة 1917، وقد حفظ القرآن الكريم بزاوية جده الشيخ سيدي يحيى العيدلي أين تلقى المبادئ الأولى لعلوم الأدب واللغة العربية، لينتقل بعدها إلى زاوية الشيخ بلحملاوي بوادي العثمانية بنواحي قسنطينة، أين درس مختلف العلوم الشرعية من فقه ولغة، إضافة إلى الحساب والفلك وكذا العلوم الإنسانية كالتاريخ والجغرافيا.
وشارك الفقيد في ثورة التحرير هو وسائر طلبة زاوية سيدي يحيى العيدلي الذين التحقوا كلهم بركب الكفاح، بعد أن فجر المحتل الفرنسي زاويتهم سنة 1956.
وفي أواخر سنة 1957، سافر بإشارة من العقيد عميروش إلى تونس، لينتقل بعدها إلى طرابلس الليبية، أين عين عضوا في مكتب جبهة التحرير الوطني هناك.
وعقب الاستقلال، عاد المرحوم الشيخ آيت علجت إلى وطنه، حيث عين أستاذا بثانوية عقبة بن نافع بالجزائر العاصمة وثانوية عمارة رشيد ببن عكنون إلى أن أحيل على التقاعد سنة 1978.
وبناء على طلب من وزارة الشؤون الدينية، عاد الفقيد إلى نشاطه المسجدي ليمارس دروس الوعظ والإرشاد وخطابة الجمعة بمسجد الغزالي بحي حيدرة ومسجد دار الأرقم.
تخرج على يدي المرحوم آيت علجت العديد من الطلبة المتمكنين الذين تصدروا المشهد الفكري والديني في الجزائر، كما خلف العديد من المؤلفات، من بينها كتاب على شكل مذكرات يروي سيرته الذاتية وتاريخ الثورة الجزائرية وتقييمه للأحداث وتسجيل صوتي لشرحه لرسالة ابن أبي زيد القيرواني و مختارات سلسلة شرح الموطأ.
وكان وزير الشؤون الدينية والأوقاف، يوسف بلمهدي، قام أول أمس الاثنين، وبأمر من رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، بزيارة الشيخ العلامة محمد الطاهر آيت علجت، الذي كان يرقد بقسم الإنعاش بمستشفى مصطفى باشا بالجزائر العاصمة، قبل أن تفيض روحه إلى بارئها.