أجمع مشاركون في منتدى حول السلامة المرورية نظمته “الشعب”، على أن ترسيخ الثقافة المرورية عامل مهم في الحد من خطورة حوادث المرور، كظاهرة اجتماعية في تزايد مستمر، تحصد ألاف الأرواح آلاف الأرواح سنويا، رغم الترسانة القانونية التي وضعها المشرع الجزائري.
نظمت مؤسسة “الشعب”، منتدى حول السلامة المرورية، شارك فيه مختصون ومهتمون بالسلامة المرورية، لمحاولة فهم مسببات الظاهرة، وإيجاد الحلول الكفيلة للتقليل من حدتها.
تطرقت رئيسة الجمعية الوطنية للمتمرسين المحترفين للسياقة، نبيلة فرحات، إلى ضرورة تفعيل المادة 60 من القانون 17-05 المعدل والمتمم لقانون المرور، التي تنص صراحة على تدريس مادة التربية المرورية في الأطوار الثلاثة، وتجسيد شارع السلامة المرورية، بداية من الموسم الدراسي المقبل (2023-2024).
وأشارت المتحدثة إلى اقتراح تدريس المادة من ممرن تعليم السياقة لأنه يخضع لتكوين متخصص يؤهله لذلك.
وأكّدت فرحات أن تدريس المادة لن يشكل ضغطا إضافيا على التلميذ لأنها ستدرس في أيام العطل، وبأدوات ورسوم واشارات تحفيزية، يحتك بها التلميذ يوميا، تكون في مستوى فهمه واستيعابه.
من جانب آخر، تأسفت رئيسة الجمعية ان معظم الاولياء يقتنون لأبنائهم “رخصة الموت” كهدية نجاح في شهادة البكالوريا، وترى أن سن 18 تبقى مبكّرة لتكوين سائق محترف في حالة عدم نشأة الطفل على الثقافة المرورية.
ثقافة المرور من المواطنة
من جهته، يرى الكاتب والناقد جمال غلاب، أن الثقافة المرورية تدخل في اطار المواطنة، لذا نشهد ارتفاعا لحوادث المرور في الدول المتخلفة.
ودعا الكاتب إلى ترسيخ الثقافة المرورية منذ النشأة، والتنسيق بين فعاليات المجتمع من أجل بلوغ هذا المسعى، لأن التوعية المرورية غائبة اليوم في مدارسنا.
وفي السياق، يقول غلاب إن الممرن مربي قبل كل شيء، لذا يتعين عليه توعية المتعلم وتلقينه أساسيات الثقافة المرورية، وهذا لن يتأتى إلا بوضع ضوابط صحيحة للسياقة تجسيدا للمواطنة.
وأخيرا اقترح الكاتب تنظيم ندوة تجمع كل فعاليات المجتمع المدني، لربط جسور بينها وبناء مواطنة حقيقية.
كلما زاد التخلف.. ارتفعت حوادث المرور
قال المفتش المتقاعد رابح بلمهدي، ان احصائيات المنظمة العالمية للصحة تشير إلى تسجيل مليون و350 الف قتيل بسبب حوادث المرور في العالم.
وتقسم المنظمة العالم الى 3 مناطق – حسب المتحدث- دول مرتفعة الدخل، دول متوسطة الدخل وأخرى منخفضة الدخل، وان 90 بالمائة من الحوادث تحدث في المنطقتين الأخيرتين.
وتصنف المنظمة القارة الافريقية أكبر منطقة خطر، فيما يتعلق بحوادث المرور، رغم ان حظيرتها لا تمثل إلا 2 بالمائة فقط من الحظيرة العالمية، أين يهلك 24 شخصا في الساعة في حوادث مرور، أي ما يعادل 26.6 وفاة لكل 100 الف نسمة.
وفي مقارنة مع الدول الأوروبية، أشار المتحدث إلى وفاة 9 أشخاص لكل 100 الف نسمة في حوادث مرور بهذه القارة.
وتسجل الدول العربية – بحسب المتحدث- حوالي 38 الف قتيل سنويا في حوادث مرور، وهو عدد جد مرتفع مقارنة بعدد الدول المنتمية للمنطقة (22 دولة).
وبالنسبة للجزائر، قال المفتش المتقاعد ان حصيلة حوادث المرور تختلف من موسم لآخر (موسم الصيف، دخول اجتماعي، رمضان..).
من جانب آخر، أكّد المتحدث أهمية الاعتناء بتلقين السائق مجال الرؤية أثناء السياقة قبل منح الرخصة، إذ توصلت الاحصائيات الأخيرة، إلى ان السائق يعتمد بنسبة 93 بالمائة على حاسة النظر، حيث يحتاج السائق إلى مجال 180 درجة، لكن هذا المجال يتقلص مع زيادة السرعة، حتى يصل إلى 35 درجة مع السرعة المفرطة.
وتحدث بلمهدي عن ضرورة تكييف قوانين المرور مع ارتفاع حظيرة الدراجات النارية في الجزائر إلى حوالي 2 بالمائة، فيما تعلق بمبادئ السلامة من ارتداء الخوذة، ومناورات خطيرة، واستعمال للسرعة المفرطة الذي يؤدي غالبا الى سقوط مميت للسائق.
حصيلة ثقيلة في 5 أشهر
عرض المكلف بالاعلام بالقيادة العليا للدرك الوطني، الرائد سمير بوشحيط، حصيلة عن حوادث المرور في 5 أشهر (منذ جانفي 2023) وصفها بالثقيلة والمرعبة.
وتشير الحصيلة، في حدود افليم اختصاص الدرك الوطني، إلى ارتفاع حوادث المرور بنسبة 45 بالمائة، حيث سُجّل في الفترة ذاتها 3591 حادث مرور، أدى بحياة 1116 شخص، وجرح 5326 آخر.
وكشف االرائد بوشحيط ان المعدل اليومي هو 24 حادث، يخلّف 7 قتلى و35 جريح، وهو رقم كبير ومخيف، على حد قوله.
وعن الولايات الأكثر تضررا من هذه الحوادث، ذكر المتحدث سطيف، والبويرة، والجزائر العاصمة، وعين الدفلى.. لوجودها على ضفاف الطريق السيار، الذي يعرف حركية مرورية كبيرة، باعتباره شريان الاقتصاد الوطني.
ويحتل الطريف السيار المرتبة الاولى من حيث نسبة الحوادث، تليه الطرق الوطنية التي قد يتعدى طولها 1000 كلم (وعلى رأسها الطريق الوطني رقم 3، 1 و5) لكثرة النقاط السوداء، وعدم ازدواجية الطريق ببعض المقاطع.
ويُصنّف حادث خطير كل حادث يسفر عن أكثر من 3 قتلى، يضيف الرائد بوشحيط، الذي يؤكد ان الاحصائيات تشير إلى ان العامل البشري هو المتسبب الأول في حوادث المرور، سواء السائق أو المارة، يليه وضع الطرق وحالة المركبات.
وعرض الرائد بوشحيط بعض اقتراحات قيادة الدرك الوطني في ملتقيات مختلفة وبالمجلس الوزاري المشترك، للتخفيف من حوادث المرور، يتلخّص أهمها في الاسراع في تجسيد مشروع رخصة السياقة بالنقاط، الذي عرف تأخرا كبيرا، وتهيئة فضاءات راحة خاصة بالولايات الجنوبية، أين تكاد تكون منعدمة، اصافة إلى اتمام مشاريع ازدواجية الطرق، والقضاء على النقاط السوداء، وتحسين اشارات المرور.
وتحدث ممثل الدرك الوطني، عن صرورة وضع آليات رقابة مموهة خاصة في مركبات نقل المسافرين، والتكثيف من الحملات التحسيسية الفعالة والهادفة بمشاركة فاعلين في السلامة المرورية من أجل ارساء ثقافة مرورية حقيقية، بالاضافة إلى انشاء مخابر لمراقبة قطع غيار المركبات المحلية والمستوردة.
للإشارة، شارك في المنتدى أيضا ممثل وزارة الشؤون الدينية والأوقاف بوحفراد ين عودة، ومستشار الجمعية الوطنية للمتمرنين المحترفين للسياقة، عمر حمادي.