أكدت قناة راديو وتلفزيون البلجيكية “ار تي بي اف” أنه تم إبلاغ رجال الشرطة والقضاة البلجيكيين، المكلفين بالتحقيق في اكبر فضيحة فساد هزت البرلمان الأوروبي، وتورط فيها المغرب، أن هواتفهم تحمل آثار برنامج تجسس، بمن فيهم القاضي ميشيل كليز، دون استبعاد فرضية أن يكون المخزن وراء العملية.
وأفادت “ار تي بي اف”، نقلا عن مصادرها، بأن “برنامج التجسس المتقدم تقنيا، الذي تم اكتشافه، يسمح بالتحكم في الهاتف المستهدف واستعادة الرسائل (بما في ذلك الرسائل المشفرة)، والصور وجهات الاتصال وتسجيلات التشغيل (الصوت والفيديو) للمحادثات”.
وأضاف أنه بعد الشكوك حول عمليات تجسس، تم تكليف “وحدة جرائم الكمبيوتر”، المتخصصة في الأشكال المعقدة للجرائم السيبرانية، بالمعاينة، حيث تم اخضاع هواتف المدعين العامين وقضاة التحقيق وأفراد الشرطة والموظفين القضائيين لتحليلات مستفيضة ومتكررة.
وأوضح المصدر ذاته أن “نتائج الاختبارات أظهرت أن الهواتف مصابة ببرنامج تجسس، تبعا للمعلومات المحالة إلى الأشخاص المعنيين”، مؤكدا أن نتائج اختبار جهاز القاضي ميشيل كليز، المكلف بالتحقيق في فضيحة الفساد بالبرلمان الأوروبي، كانت “إيجابية”، وتم إخطار القضاة وضباط الشرطة الآخرين بنفس النتيجة.
وبحسب ذات المصدر، “لم ترغب الشرطة الفيدرالية البلجيكية في التعليق، بالنظر إلى حساسية القضية”، لافتا الى أنه تم احالة طلب إلى مكتب المدعي العام الفيدرالي للحصول على معلومات، ولكن الأخير لم يرد.
ولحد الساعة، لم يتم تحديد إذا كانت عملية التجسس تمت عبر البرنامج الصهيوني “بيغاسوس” أو برنامج تجسس آخر، حيث تم العثور على علامات خطيرة للعدوى، مضيفا بأنه “قد يكون من الصعب تحديد نموذج البرنامج الذي تم إدخاله سرا وبدقة وحتى تحديد المستخدم”.
الشبهات تحوم حول تورط المغرب في الفضيحة الجديدة
وفي شهر جويلية 2021، كشفت العديد من وسائل الاعلام الدولية أن المغرب قام بالتجسس على العديد من المسؤولين السياسيين والنشطاء الحقوقيين والصحفيين، داخل المملكة وخارجها، من خلال برنامج “بيغاسوس”، وعليه فإن استخدام المغرب على نطاق واسع لهذا البرنامج يغذي مسار تجسسه على العدالة البلجيكية.
ولا تستبعد مصادر “ار تي بي إف” فرضية التجسس على العدالة البلجيكية في سياق أكبر فضيحة فساد هزت البرلمان الاوروبي، مضيفة أن المغرب، بكونه معنيا بقضية “ماروك غايت”، قد يكون وراء هذا التجسس.
كما تطرقت القناة الى كون المملكة من المعتادين على استعمال برامج التجسس، مذكرة بما كتبه مخبر البحوث الكندي “سيتيزان لاب” بأن المغرب كان من بين الدول الأولى التي تلقت عرضا لشراء برنامج تجسس أعدته شركة “كواد دريم”.
وأبرزت “ار تي بي اف” أنه يصعب اكتشاف هذا البرنامج لأن تكنولوجيته متقدمة للغاية.
وبوجه عام، “فإن الهدف من التجسس على أفراد الشرطة والجهاز القضائي البلجيكي، جمع المعلومات بصورة غير مشروعة، في ما يتعلق بالتحقيقات والإجراءات الجارية، لاستغلالها في الضغط و ابتزاز المسؤولين، باستخدام رسائل أو صور أو أشياء أخرى مسروقة”.
ولمواجهة عمليات التجسس، قالت “ار تي بي إف” إنه “تم تعزيز التدابير الاحترازية القائمة على عدة مستويات من أجهزة الشرطة والعدالة والاستخبارات، حيث يتم استخدام الهواتف الآمنة في الاتصالات (…)”.
وشهر جانفي الماضي، ذكرت صحيفة “لوسوار” البلجيكية انه وفي إطار التحقيق في قضية الفساد في البرلمان الأوروبي، يستخدم المحققون إجراءات احترازية لحماية أنفسهم من عمليات التنصت.
ومن ضمن هذه الاجراءات الوقائية، الحظر المتزايد للهواتف والأجهزة المتصلة مثل الساعات أو سماعات الأذن في قاعات الاجتماعات المهمة، خاصة و أن هذا الإجراء تأكد أنه “الأكثر فعالية”، نظرا للتقدم التكنولوجي المستمر الذي أحرزه مطورو برامج التجسس.
جدير بالذكر أن قاضي التحقيق في قضية الفساد بالبرلمان الأوروبي او ما يعرف ب”ماروك غايت”، ميشيل كليز، رفض الانسحاب من التحقيق في هذه القضية رغم محاولة عضو البرلمان الأوروبي، مارك تارابيلا، الذي قدم طلبا لاستبعاده من كشف تفاصيل الفضيحة التي هندستها المخابرات المغربية.