يجمع خبراء ومحللون على أن الاتفاقيات الموقعة على هامش زيارة ئيس الجمهورية عبد المجيد تبون الى روسيا كانت في مستوى الحدث، وأن الجزائر كبوابة إفريقيا في الاستثمار والتجارة والتنمية، ستشهد نقلة نوعية في التكنولوجيا المستعملة لدى الدول الكبرى للنهوض باقتصادها وضمان الاكتفاء الذاتي والانتقال السلس للتكنولوجيا للقارة السمراء وعلى رأسها الجزائر.
يرى المحلل السياسي الدكتور حكيم بوغرارة، أنّ الاتفاقيات الموقعة بين الجزائر وروسيا في مجالات المياه وريادة الفضاء والموارد المائية، تدخل في سياق استفادة الجزائر من الخبرات والتقدم التكنولوجي الذي حققته روسيا في هذه المجالات، بالتالي فالاستناد على الاتفاقية الإستراتيجية الموقعة والمعمّقة التي وُقع عليها أول أمس بين الجزائر وروسيا ستضمن نقل التكنولوجيا بسلاسة الى الجزائر في هذه المجالات الحيوية والمهمة.
ويرى الأستاذ بوغرارة أن هذه الاتفاقيات ستضمن من جهة تحقيق الاكتفاء الذاتي، ومن جهة أخرى هي لتدارك التأخر التكنولوجي في بعض القطاعات، وتحسين الاستعمال الحالي للتكنولوجيا في مجالات محدّدة، كما يمكن الاستفادة من التكنولوجيا النووية التي تملكها روسيا في المجالات السّلمية.
ويرى محدثنا أن هذه الاتفاقيات هي تدارك من روسيا لمساعدة الجزائر في مختلف المجالات التقنية، مذكرا باتفاقية 2001 التي كانت تنص على التعاون في المجال التقني والاقتصادي، وقال بوغرارة إن “ هذه الاتفاقيات ستعرف التجسيد بمناسبة انعقاد القمة الروسية المشتركة”.
وأكد محدثنا، أن هذه الاتفاقيات ستعود بالإيجاب على الجزائر خاصة في ظل الوثبة التي تعرفها الجزائر في المجال الاقتصادي، ناهيك عن تخصيص أكبر ميزانية للبلاد منذ الاستقلال والتي ستصب في صالح هذه الاتفاقيات من خلال عقود الشراكة وتهيئة المناخ الذي عملت على توفيره الجزائر من خلال تحديث ترسانة من التشريعات القانونية وتكييفها مع الاتفاقيات الدولية ومناخ الأعمال.
وأضاف الأستاذ بوغرارة أنه حتى منتدى رجال الأعمال الجزائري ـ الروسي، سيعود بالإيجاب على العلاقات الجزائرية الروسية من خلال مبدإ “رابح-رابح”، فمن المتوقع ان يزور رجال الأعمال الروس الجزائر للوقوف على التحسن المسجل في بيئة الاستثمار والامتيازات التي حملتها العديد من النصوص التشريعية بالإضافة الى مغريات سوق الطاقة والصناعة بالجزائر.
وأشار المحلل السياسي إلى أنّ المتوقع أن التعاون الجزائري الروسي سيتوسع الى الطاقات المتجددة والسكك الحديدية والصناعات الصيدلانية والفلاحة التي وقعنا مع روسيا اتفاقية إستراتيجية قبل أشهر لتعزيز الإنتاج الفلاحي في الجزائر وتحقيق الاكتفاء الذاتي، وعليه يرى بوغرارة أن المجالات ستتوسع أكثر في المستقبل القريب الى المجال الصحي والنقل البحري والجوي، لذا يضيف محدثنا أن المجالات مفتوحة مما الجزائر وروسيا للمضي قدما في تطوير سبل الشراكة والتعاون خاصة في ظل الاتفاقية الإستراتيجية المعمقة والتي من المؤكد أنها أن تترك مجالا غلاّ وشملته على غرار الثقافة والتعليم العالي والبحث العلمي والري.
وأضاف الأستاذ حكيم بوغرارة أن روسيا تقدّر قيمة الجزائر في القارة السمراء، لذا فالملاحظ أن أي دولة تريد الاستثمار في إفريقيا تسعى لتعزيز علاقاتها مع الجزائر على غرار تركيا والصّين وإيطاليا، مشيرا الى أن هذه الدول استثمرت في علاقاتها مع الجزائر بالنظر لتأثير الجزائر على القارة الإفريقية، وأي دولة تمنحها الجزائر صفة الصديق سيكون من السهل عليها ولوج السوق الإفريقية التي تتربع على مساحة تفوق 30 مليون كلم مربع، وتعج بأكثر من 1.4 مليار نسمة.
وأشار أن هذه الإستراتيجية سمحت للعديد من الدول الراغبة في الاستثمار في إفريقيا من ولوج السوق الإفريقية عبر بوابة الجزائر باعتبارها شريكا موثوقا من عدة أطراف، وحديث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن ريادة الجزائر للقارة الإفريقية لديه الكثير من الدلالات السياسية والاقتصادية والجيو ـ استراتيجية، وتزكية واعتراف بمكانة الجزائر لدى الدول الكبرى واحترام القارة الإفريقية سيكون من احترام الجزائر.
ويرى الدكتور بوغرارة أن المبادلات التجارية بين الجزائر وروسيا مرشحة للارتفاع أكثر وهب حاليا في حدود 3 ملايير دولار، والرقم مرشح للارتفاع نظرا لما يتوقع أن تمنحه روسيا للجزائر من أولوية في استيراد منتجاتها الفلاحية بعدما حققت الجزائر قفزة في المجال وأصبحت من الدول التي تفتخر بجودة منتجاتها الفلاحية وتسعى لتصديرها لجميع الأسواق.
وفي سياق آخر أوضح المحلل السياسي أن الجزائر تترقب استثمارات روسية في مجال التعدين والمناجم بفضل تقنية المسح الجيولوجي التي تتميز به الأقمار الصناعية الروسية، وبالتالي تمكين الجزائر من الاستثمار في هذا المجال الذي حققت فيه روسيا تقدما كبيرا، بالإضافة الى الاستثمار في مجالات الطاقة التي بإمكان الشركات الروسية العملاقة من تسريع وتيرة نمو الاكتشافات الجزائرية للطاقة في الصحراء وحتى البحر.
وذكر محدثنا أن سعي الجزائر للدخول لمنظمة “بريكس” سيفسح المجال أمام الجزائر لكسب أسواق جديدة والحصول على تكنولوجيا متطورة في مختلف المجالات دون أي ضغوطات خارجة عن الأعراف الاقتصادية، والجزائر اليوم رفعت من حظوظها لولوج هذه المنظمة عبر هذا الدعم الدبلوماسي من روسيا والبرازيل وجنوب إفريقيا وحتى الهند التي لا تتعارض مع توجهات الجزائر.