أضحى الإضراب في المغرب محطة نضالية مفصلية للتنديد بالتضييق وتقويض ممارسة الحق النقابي في المملكة ومنبرا لإسماع صوت من لا صوت لهم، للرأي العام المغربي، أمام الصمت والجمود غير المقبولين المنتهجين من قبل السلطات المخزنية.
في هذا السياق، وتنديدا بما اعتبرته “استمرار اللامبالاة والجمود وإغلاق باب الحوار”، قرر المكتب التنفيذي للنقابة المغربية المستقلة لهيئة تفتيش الشغل، عزمها خوض إضراب وطني الخميس المقبل، مع تقديم شكاية إلى منظمة العمل الدولية.
وطالب المكتب التنفيذي، في بيان له، كل مكونات هيئة تفتيش الشغل بالمشاركة القوية قصد “إنجاح هذه المحطة النضالية المفصلية والالتزام اللامشروط بالأشكال النضالية المعلنة والاستعداد للانخراط في البرنامج النضالي الذي يسطر مستقبلا، والالتفاف حول المطالب والحقوق المشروعة، وإسماع صوتها لدى من يهمهم الأمر أمام هذا الصمت والجمود غير المقبولين”.
وجدد المكتب دعوته لكافة الفعاليات النقابية بالقطاع للالتحاق بهذه الحركة الاحتجاجية، “صونا للمكتسبات ودفاعا عن الملفات المطلبية المطروحة”.
وانتقد البيان ذاته ما أسماه “استمرار اللامبالاة والجمود وإغلاق باب الحوار الاجتماعي القطاعي من طرف الوزارة الوصية، أمام التمثيليات والتنظيمات النقابية الفاعلة بالقطاع رغم كل المحاولات والمبادرات والمراسلات الموجهة إليها …” .
واستنكر المصدر نفسه “كل المحاولات التي تقوم بها بعض الأطراف للتضييق وتقويض ممارسة الحق النقابي من طرف المنخرطين ومكونات هيئة تفتيش الشغل”.
وتأتي هذه الدعوة للإضراب تزامنا مع ذكرى انتفاضة 20 جوان 1981 بالدار البيضاء والتي تعرف أيضا ب”ثورة الخبز”، أبرز مظاهر الاحتجاج والغضب الشعبي في المغرب ، حيث أدت إلى اشتباكات خطيرة انتهت بزج عشرات المحتجين في السجون ودفن قتلى الكرامة في مقبرة جماعية (تم الكشف عن 77 جثة في ديسمبر 2005).
ويخلد الشعب المغربي، اليوم الثلاثاء، هذه الذكرى التاريخية في ظل أجواء وظروف مماثلة على مستوى التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه المغرب والتي يقودها الفقر والبطالة، وتفاقم حجم المديونية وعجز الميزانية، مع استمرار استشراء الفساد السياسي والريع الاقتصادي واتساع دائرة الفوارق الطبقية، الى جانب تدني القدرة الشرائية للمواطنين والطبقة العاملة نتيجة عدة عوامل أساسها التضخم بمستويات لم تسجل منذ عقود مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع والخدمات الضرورية وآثارها السلبية على المعيشة اليومية للمواطنين.
وأراد الشعب المغربي احياء الذكرى من خلال رفع تحد ضد المخزن والخروج في احتجاجات اليوم الثلاثاء، في عموم البلاد دعت إليها الجبهة الاجتماعية المغربية، تنديدا بالغلاء الفاحش وبكل مظاهر الفساد والاستبداد المستشري في المغرب.
وقالت المنظمة الديمقراطية للشغل في هذا السياق أن الوضع الحالي هو”نتيجة نهج نفس المقاربات السياسية للسلطات المخزنية منذ 1981 الى اليوم والمبنية على المنطق النيوليبرالي، والتي لا تنتج الا المزيد من تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والتضخم الذي أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الأولية والثقل الضريبي، مما تسبب في إفلاس أزيد من 12 ألف مقاولة، وهو ما يفسر استمرار معدل البطالة في الارتفاع وهيمنة الشغل في إطار الاقتصاد غير المهيكل بنسبة تتجاوز 67 في المائة”.
ومقابل هذه الأوضاع المؤلمة، تقول المنظمة المغربية، “تستفيد عدد من الشركات من خلال استخدامها للتضخم كمبرر، لتحقيق هوامش ربح خيالية، سواء شركات صناعة المواد الغذائية أو المحروقات، هذا بينما تواصل الأسعار في الارتفاع رغم انخفاض التكاليف او انخفاض الأسعار في السوق الدولية، خاصة في غياب حلول ناجعة حقيقية لمعالجة الوضع الاقتصادي وتدبير المخاطر بشكل أفضل وناجع”.