ندد نشطاء وحقوقيون اسبان ومغاربة الجمعة بعدم إنزال أي عقوبة على المتسببين في مجزرة “اليوم الاسود” بعد مرور عام على المأساة الانسانية التي شهدتها الحدود المغربية-الاسبانية يوم 24 جوان 2022 والتي ذهب ضحيتها 37 مهاجرا افريقيا على الأقل بينما يبقى مصير 76 آخر مجهولا.
وقال النائب الإسباني في البرلمان الأوروبي عن حزب بوديموس، ميكيل أوربان كريسبو، أنه على الرغم من حملة الإدانات التي أثارها التدخل العنيف للشرطتين المغربية والاسبانية، “ما زال هناك إفلات تام من العقاب”، ما يشكل -برأي المتحدث- “سابقة فظيعة بالنسبة لأوروبا وإسبانيا”.
من جهته، يرى النائب البرلماني الاسباني عن حزب بيلدولإقليم الباسك، جون اناريتو، أن التحقيق الاسباني الذي لم يسمح بمعرفة عدد الأشخاص الذين قضوا بدقة ولا أسباب وفاتهم، أغلق “مبكرا”.
وأضاف اناريتو، الذي زار مليلية بعد وقت قصير من المأساة: “من البديهي أن الحكومة الاسبانية لا تريد إغضاب السلطات المغربية”، معتبرا أن مدريد تخشى ردا مغربيا يمكن أن يتمثل في السماح لمهاجرين جدد بالعبور الى الاراضي الاسبانية، وهو ما قام به المغرب خلال فترات توتر سابقة بين البلدين.
وفضل متظاهرون في اسبانيا احياء هذه الذكرى الأليمة بمظاهرات حملوا من خلالها اسبانيا والاتحاد الأوروبي مسؤولية المجزرة في حق اللاجئين والمهاجرين، حيث وضعوا على وجوههم كمامات بيضاء وحملوا لافتات كتب عليها “مجزرة” و”أوروبا مسؤولة”.
وقال متحدثون من المنظمة الإسبانية لحقوق الإنسان “كارافان أوف أوبن بوردرز” أمام حشد من المتظاهرين أمام البرلمان في مدريد إن رجال إنفاذ القانون المغاربة والإسبان انتهكوا حقوق الإنسان الأساسية في استجابتهم للحادث وإنه لم تتخذ إجراءات كافية لتقديم المسؤولين إلى العدالة.
وقالت المتظاهرة لويزا مينينديز (73 عاما) لوكالة رويترز: “كان يوما مليئا بالألم والغضب، يوما مروعا في تاريخ البشرية”، وذلك في إشارة إلى 24 جوان 2022.
وبدلا من مقاضاة السلطات المغربية، التي اقدمت قواتها على المجزرة، ذهبت النيابة العامة في مدينة الناظور الى فتح تحقيق خلص إلى إدانة، بتهم جائرة، 87 مهاجرا شاركوا في محاولة عبور السياج الفاصل مع جيب مليلية الاسباني، ذهبت الى حد اصدار بحقهم أحكاما بالسجن لفترات تتراوح بين عامين ونصف وأربعة أعوام، بحسب فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالناظور.
وأكد رئيس فرع الجمعية، عمر ناجي، على ضرورة إجراء تحقيق مستقل يجيب عن “أسئلة عالقة” كثيرة، ولا سيما بشأن “76 شخصا يجهل مصيرهم”.
ويشاطره الرأي، رئيس “جمعية مساعدة المهاجرين في وضعية صعبة”، حسن عماري، إذ يطالب هوأيضا بتحقيق مستقل في المأساة التي “كان يمكن تفاديها لووصلت مثلا سيارات الإسعاف مبكرا”.
للإشارة، كانت خمس منظمات حقوقية إسبانية قد قدمت مؤخرا شكوى إلى القضاء في مليلية للمطالبة بإجابات، على أمل بدء محاكمة باعتبارها “الخيار الوحيد المتبقي للناجين والضحايا وعائلاتهم من أجل معرفة الحقيقة ونيل العدالة”، بحسب الناشطة في منظمة “كامينادوفرانتيراس”، هلينا مالينو.
وانتقدت منظمات حقوقية ومحققون مستقلون طريقة تعامل السلطات على جانبي الحدود مع الواقعة، وفي تقرير لها في ذكرى المجزرة، استنكرت منظمة العفو الدولية غير الحكومية أمس الجمعة استمرار المغرب وإسبانيا في إخفاء الحقائق المرتبطة بالمأساة.