ثمّن خبراء في الفلاحة مخرجات مجلس الوزراء الأخير في شقه المتعلق بترشيد استعمال المياه وإعادة تدويرها لاستغلالها في القطاع الزراعي الذي يعد ثاني أكبر قطاع تعول عليه الحكومة لتحقيق الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي، مؤكدين أن بلوغ 40 بالمائة من المياه المسترجعة أمر ممكن، يمكن الوصول إليه على الأمد القريب والمتوسط.
قال الخبير في الزراعة والمخاطر الزراعية وعضو الاتحاد الوطني للمهندسين الزراعيين حمزة ماليك في تصريح لـ«الشعب”، إن تحديد نسبة 40 بالمائة من المياه المسترجعة كهدف لاستخدامها في الري الفلاحي وفي قطاع الصناعة ليست أمرا مستعصيا، إذا تضافرت جهود الفاعلين في مختلف القطاعات موارد مائية صناعية وسلطات محلية، على اعتبار أن الثروة موجودة بحاجة الى استغلالها بنجاعة.
وأفاد أن إلحاح رئيس الجمهورية يأتي من المنطلق أن الأمر يتعلق بثروة تنتجها تصفية المياه المالحة، مشيرا أنها مياه تستعمل يوميا، تحتاج إلى التفكير في كيفية تدويرها بنجاعة لاستعمالها في المجال الزراعي أو الصناعي، وهو الأمر الذي يقلص من استهلاك كميات كبيرة من السدود أو الحواجز بالنسبة “للزراعة” أو المياه الجوفية “للصناعة” التي تتغذي منها المصانع.
بالنسبة لعمليات التصفية وتحديد الاحتياجات الوطنية، أكد الخبير الزراعي ضرورة اعتماد مجموعة من الآليات لإنجاح العملية تتعلق بتحديث الشبكات حتى يتم إيصال المياه دون خلل، فصل المياه المستعملة للصرف الصحي العادي والصناعة، على اعتبار أن المصانع والمناطق الصناعية يجب أن تكون محطات تصفية بحوار المناطق الصناعية لتجنب تلوثها بالمواد السامة التي يصعب فصلها وتنقيتها، لذا وجب الفصل والمعالجة الآنية ليعاد استعمالها في الصناعة.
وعن نسبة التلوث في المياه الناتجة عن المناطق الصناعية، قال حمزة ماليك إنها تتم حسب النشاط ونوعية النشاط، على اعتبار وجود صناعات تستعمل مواد كيميائية كثيرة، وفيه نشاطات تستعمل الماء، لأجل تبريد المعدات، موضحا أن الأمر يظهر بسيطا لكن يمكن إعادة تدويره في المصنع، أما المصانع التي تستعمل المواد الكيميائية تحتاج إلى معالجة خاصة وتتحمل قسط من مسؤوليتها في تلوث المياه، لأنه لا يمكن أن يؤخذ الكل على عاتق الدولة بل يجب مشاركة الصناعيين في تصفية المياه.
وبخصوص الفلاحة أفاد الخبير الزراعي، أنه يجب أن تكون شبكات لخزانات المياه بعد تصفيتها وشبكات توزيع الماء أو إعادة ضخها، إذا كانت لا تحتوي على ملوثات صناعية أو كيميائية، مشيرا أن هذه الطرق من شأنها أن تساعد على بلوغ النسبة المرجوة.
من جهته، رئيس الاتحاد الوطني للمهندسين الزراعيين والمهندس الزراعي منيب اوبيري، قال بخصوص استعمال المياه واستغلالها في السقي الفلاحي باستعمال محطات تصفية المياه في مناطق الساحل وتخصيص جزء منها للفلاحة والصناعة، إنه قرار مهم للاستغلال الأمثل للموارد المائية ولسد الفجوة والحاجيات المتعلقة بهذا الشأن، خاصة في ظل التغييرات المناخية والجفاف الذي يشهده العالم بأسره.
وصرح الخبير الزراعي، أن الاتحاد كان تطرق في عديد المناسبات إلى هذه المسألة، وأكد خلالها ضرورة الاستغلال الأمثل لكل الطاقات القدرات والمؤهلات التي تمتلكها بلادنا لاستغلال المياه التي تذهب للصرف، البحار أو الموجودة في السدود، مشيرا أنها قرارات صائبة من شأنها تطوير القطاع الزراعي وضمان استدامته.
وأشار الى حرص رئيس الجمهورية على تنفيذ هذه القرارات لتحقيق تطلعات وآمال الفلاحين المتعطشين للاستفادة من هذه الموارد لحماية مشاريعهم واستثماراتهم لتفادي الخسائر الناجمة عن نقص المياه، التي هي أساس استدامة الفلاحة، موضحا أن متابعة الرقابة والتحسيس مهمة للاستغلال الأمثل لهذه الموارد سواء باستعمال التقنيات الحديثة للسقي حتى لا تهدر، أو باستغلال طاقات الزراعات الذكية في تسيير المحطات أو المجمعات المائية أو خزانات المياه.
عرج رئيس الاتحاد الوطني للمهندسين الزراعيين في ذات السياق، إلى ضرورة معرفة احتياجاتنا من المياه من خلال الإحصاء الدقيق للموارد المائية سواء الناتجة عن تصفية المحطات أو المتواجدة في الآبار والسدود لترقيمها ووضعها ضمن قاعدة بيانات تدخل فيها كافة القطاعات، وزارة موارد مائية، وزارة الفلاحة، والرقمنة، لتحديد احتياجاتنا من المياه.
بالحديث اليوم عن تعليمات رئيس الجمهورية بتوجيه 40 بالمائة من القطاع الفلاحي، صرح المتحدث، أنها خطوة جبارة تبين مدى الاهتمام الكبير بالقطاع الفلاحي وتشجيع الفلاحين والمستثمرين للمضي قدما للعمل أكثر وبنفس طويل للوصول إلى تحقيق الأمن الغذائي، مشيرا أن الجزائر خطت خطوات كبيرة في هذا الاتجاه، خاصة وأنها تشهد توفر عديد المنتجات بالرغم من وجود بعض النقائص لكنها تعتبر عادية، وهذا بالنظر إلى توجيهات رئيس الجمهورية بضبط السوق وخلق دواوين لتسيير المنتوج وشرائه من عند الفلاح، هي قرارات جاءت عن دراية واسعة ورؤية بعيدة لحماية الأمن الغذائي.
وقال ايضا، إنه بتضافر الجهود نحمي انفسنا من المخاطر، خاصة في ظل الصراعات الجيواستراتجية والبحث عن الغذاء، آملا الاستغلال الأمثل للزراعات الاستراتيجية “زيتية في ظل الاستثمار في المناطق الصحراوية خاصة والمياه الجوفية المتوفرة، إلى جانب الحبوب أوالزراعات العلفية “ لمواكبة التطورات الحاصلة في قطاع الزراعة عالميا.
اشار رئيس الاتحاد الوطني للمهندسين الزراعيين ختاما الى نقطة هامة تتعلق بالاستعمال الأوسع للمكننة، الآلات والعتاد الفلاحي، مبرزا أهميتها خاصة في ظل توسيع المساحات ورقعة الاستغلال الفلاحي في المناطق الجنوبية وغيرها، مؤكدا أهمية تمكين القطاع العام أو الخاص من توفير العتاد الملائم سواء الجرارات متوسطة القدرات، الحاصدات وكل ما تعلق بالجني والحرث، لأن السوق تفتقر لهذه المنتجات التي تساهم في تطوير الزراعة
وأضاف أيضا، ما تزال الكثير من الخطوات تحتاج التنفيذ ميدانيا للسماح للمتعامل الاقتصادي الخاص أو العام بتطوير الشعبة التي تعاني نقصا كبيرا من حيث الآلات الحديثة متوسطة وكبيرة الحجم، بالرغم أنها تلعب دورا كبيرا في زيادة الإنتاج وثقة الفلاح.