كشف الدكتور غالي زبير، رئيس الهيئة الصحراوية للبترول والمعادن، أن الرباط سعت بكل جهد من أجل تجديد اتفاقية الصيد البحري الموقعة بين الاحتلال المغربي والاتحاد الاوربي، غير أن المفوضية الأوربية أعربت خلال اجتماع وزراء الصيد الأوربيين عن رفضها تجديد هذه الاتفاقية إلا بعد صدور حكم من المحكمة الاوربية المتوقع نهاية هذا العام أو بداية العام المقبل.
أكّد غالي زبير في اتصال هاتفي مع “الشعب” أن انتهاء هذه الاتفاقية والتي تشمل المياه الاقليمية الصحراوية دون الدخول في مفاوضات تجديد كما هو معتاد في انتظار الحكم النهائي للمحكمة الاوربية، يعني بصورة جليّة انتهاء المزاعم المغربية بالسيادة على الصحراء الغربية، “فدول الاتحاد الأوروبي ليست مضطرة لانتظار صدور الحكم القضائي النهائي للمحكمة الأوروبية لو كان المغرب يمتلك السيادة القانونية على الإقليم المحتل”.
وواصل زبير القول إن أسطورة السيادة المغربية المزعومة على إقليم الصحراء الغربية باتت تتكشّف يوماً بعد يوم، وتُعري نظام المخزن الذي سيخرج في الأخير بخفي حنين، فمن جهة، نجد أن إسبانيا تواصل رفضها تسليم المغرب السيادة على المجال الجوي للصحراء الغربية، ومن جهة أخرى، يُصرُّ الاتحاد الأوروبي على رفض تجديد الاتفاقية الموقعة بينه وبين الاحتلال المغربي، وهذه كلها –يواصل محدثنا- مؤشرات وقرائن تؤكد بأن لا سيادة للمغرب على الصحراء الغربية، وهو أمر مهم من الناحيتين القانونية والسياسية، وهي بداية لأمور أخرى مستقبلا.
اتفاقية الصيد البحري الموقعة بين الاتحاد الأوربي والمغرب توشك على الانتهاء بعد انقضاء السنوات الأربع المحددة في بنود الاتفاقية، وسينتهي العمل بها رسمياً يوم غد الاثنين، وبالتالي، سيكون على السفن الأوروبية مغادرة المياه الإقليمية للصحراء الغربية.
من تعداد 128 سفينة صيد من 10 دول أوروبية مرخصة للصيد في المياه الإقليمية للصحراء الغربية والمغرب، تشكل السفن العاملة في المياه الإقليمية للصحراء الغربية ما مقداره 94 % من هذه السفن، منها 92 سفينة من اسبانيا أغلبها من إقليم الأندلس وجزر الكناري، كل هذه السفن ستكون مجبرة على مغادرة المياه الإقليمية الصحراوية ليلة 17 جويلية الجاري.
وأكّد غالي زبير في حديثه لـ “الشعب” أن جبهة البوليساريو قد عرضت على الصيادين الاسبان في جزر الكناري الذين يشكلون النسبة الأكبر من مالكي السفن التي تصطاد في المياه الإقليمية للصحراء الغربية، الدخول في مفاوضات مباشرة مع الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، باعتبار أن الحكم الصادر عن محكمة العدل الأوربية بتاريخ 29 سبتمبر 2021 يؤكد على أن جبهة البوليساريو هي الممثل الوحيد للشعب الصحراوي المعترف به دولياً.
وأشار المتحدث الى أن الجبهة قد عرضت على اتحاد الصيادين الكناريين الدخول في مفاوضات للحصول على ترخيص من الممثل الشرعي للشعب الصحراوي، وإبرام اتفاق يمكّن الصيادين الكناريين من ممارسة نشاطهم في المياه الإقليمية للصحراء الغربية لمدة سنة كاملة، تليها عملية البحث عن آليات تخدم الجانبين الصحراوي والاسباني.
وقال زبير إن مشروع الاتفاقية ينص على بقاء بنود الاتفاقية السابقة بنفس الشروط وبنفس الحصص والكيفيات، وستحافظ على مصالح المتعاقدَين التي نصت عليها الاتفاقية السابقة التي أثبتت المحكمة الاوروبية بأنها اتفاقية غير قانونية وغير شرعية.
وفي معرض ردّه على سؤال حول الاحتمالات المطروحة، أكّد رئيس الهيئة الصحراوية للبترول والمعادن أن الكرة الآن في مرمى الأوروبيين، وأن دعوة جبهة البوليساريو الكناريين للتعاقد هي دعوة مفتوحة لكل شركات الصيد الأوروبية من أجل “الدخول من بوابة الشرعية”، مشيراً الى أن الأوروبيين الآن أمام خيارين اثنين لا ثالث لهما، إما الالتزام بالشرعية الدولية والتفاوض مع جبهة البوليساريو، أو الالتفاف على الأحكام القانونية، وبالتالي، التوجه الى خرق الأحكام الاوروبية، وهو ما سيؤدي الى الدخول في عملية متابعات قضائية لكل شركة تخرق هذه الاحكام، وسنكون أمام مرحلة حاسمة؛ لأنها ستتعلق بالأساس بمطالبة جبهة البوليساريو هذه الشركات بدفع تعويضات للشعب الصحراوي عن الاستغلال غير الشرعي للثروات البحرية لإقليم الصحراء الغربية.
واختتم غالي زبير القول بأن الاحتمالات القائمة بعد تاريخ 17 جويلية الجاري ستكون إما الالتزام بالشرعية القانونية وإما خرقها، ولكلٍ من هذين الاحتمالين تبعات قانونية وسيناريوهات متوقعة، “فالبوليساريو وضعت على الطاولة مخرجاً قانونياً وفق الشرعية الدولية، وللأوروبيين أن يختاروا الخيار الذي يناسبهم مع تحمل تبعات ذلك الخيار”.
السفن الأوروبية تستعد لمغادرة الموانئ الصحراوية
تستعد 128 سفينة أوروبية أغلبها إسبانية، لمغادرة الموانئ الصحراوية، غدا الاثنين، تزامنا وانقضاء آجال اتفاق الصيد البحري، الموسع إلى الأراضي الصحراوية المحتلة، بين المغرب والاتحاد الأوروبي. وكانت المحكمة الأوروبية قضت شهر سبتمبر الماضي بعدم قانونية الاتفاق، ما جعل من أمر تمديده مستحيلا إلى غاية الآن.
ابتداء من يوم غد، سيكون على الدول الأوروبية الراغبة في استغلال الثروات البحرية لجمهورية الصحراء الغربية، التفاوض مباشرة مع الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، “بوليساريو”، باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي، السيد على ثرواته. وفي هذا السياق، قال ممثل الجبهة في إسبانيا، عبد الله العرابي، خلال لقاء مع ممثلي قطاع الصيد البحري في جزر الكناري الاسبانية، إن هناك خيارين يمكن اتباعها للاستفادة من موارد الصحراء الغربية، بعد 17 جويلية الجاري، هي: “إما أن تواصل دول الاتحاد الأوروبي العمل مع المغرب، وهو انتهاك صريح للقانون الدولي ولقرارات المحكمة الأوروبية الصادرة في هذا الشأن، والثاني هو اختيار الشرعية والتفاوض مع جبهة البوليساريو الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي المالك الحصري لهذه الثروات”.
وندد نواب أوروبيون قبل أسبوع من انتهاء الآجال، بنهب الاتحاد للموارد الطبيعية للصحراء الغربية، وإدراج الأقاليم الصحراوية المحتلة لدى توقيع الاتفاقات غير القانونية بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، وفي انتظار القرار النهائي لمحكمة العدل الأوروبية حول الوثيقة المرتقب نهاية هذه السنة، وبادر أعضاء من الكتلة المشتركة الأوروبية لمساندة الصحراء الغربية، ونواب أوروبيون بالتأكيد على التزامهم بالشرعية الدولية، وكذا دعمهم للمطالب التاريخية للشعب الصحراوي في الدفاع عن حقوقه السياسية والاجتماعية والاقتصادية. ورفع المحتجون لافتات كتب عليها شعارات من قبيل: “الصحراء الغربية ليست للبيع” و«أوقفوا النهب”.
وقبل هذا، أعرب المفوض الأوروبي للبيئة والمحيطات والصيد البحري، فيرجينيجوس سينكفيسيوس، بشكل علني عن تشاؤمه من رؤية تلك الاتفاقات تتجدد حسب الظروف السابقة، مضيفا أن “ذلك أمر صعب”.
بدوره، أكد محامي جبهة البوليساريو أمام المحاكم الأوروبية، جيل دي فيرس، أن الصيد في المياه الصحراوية الخاضعة لـ«تراخيص” مغربية قد انتهى، بعد رفض المفوضية الأوروبية تجديد الاتفاقية بين الاتحاد الأوروبي والمغرب كونها تخرق القانون.
وألغت محكمة الاتحاد الأوروبي، في 29 سبتمبر 2021، اتفاقيتي الثروة السمكية والزراعة اللتين تربطان المغرب بالاتحاد الأوروبي، والموسعة إلى الصحراء الغربية المحتلة، مؤكدة على وجوب استشارة الشعب الصحراوي صاحب السيادة على ثرواته قبل أي تعامل اقتصادي، وأصدرت المحكمة قرارا ألغت بموجبه الاتفاقيتين، كون أن إبرامهما شكل انتهاكا لقرار محكمة العدل الأوروبية لسنة 2016، تم دون موافقة الشعب الصحراوي، وممثله الشرعي والوحيد جبهة البوليساريو.