تسير علاقات التعاون والشراكة الجزائرية الصينية بخطى ثابتة ومتسارعة وفعّالة، على خلفية أنها تتجّه نحو تحقيق المزيد من المشاريع المهمة وبناء الرؤى الاقتصادية المتطابقة، من خلال تحويل التكنولوجيا، وإنجاز الصين المزيد من المشاريع الضخمة في قطاع البنى التحتية.
وتبقى الجزائر أحد أهم شركاء الصين في إفريقيا، بالنظر إلى موقعها وثرواتها على غرار النفط والمعادن، وتحرص الدولتان على تكريس علاقاتها وفتحها على قطاعات جديدة، بما فيها التكنولوجيا الحديثة، ويندرج هذا التنسيق والانسجام ضمن الخطة الخماسية الثانية للتعاون الاستراتيجي الشامل الممتد تجسيدها في الفترة من 2022 إلى آفاق 2026.
مازالت الشراكة الجزائرية-الصينية، توصف بالنموذجية والرابحة لكلا الطرفين، كونها تقوم على تبادل المنافع، علما أن الصين مازالت تحتل الصدارة وتعدّ أهم شريك اقتصادي وتجاري للجزائر، لأن قيمة الاستثمارات الصينية المباشرة في الجزائر لا تقل عن حدود 10 ملايير دولار، في حين التبادل التجاري بين البلدين بلغ نحو 9 ملايير دولار، وهذا ما جعل الجزائر سباقة قبل العديد من الدول للانضمام إلى “مبادرة الحزام والطريق” في جوان 2019،
ولا يخفى أنه مع كل مرحلة يتمّ تسجيل تطوّر كبير في العلاقة بين البلدين، ما يعكس عمق هذه الشراكات المبنية على التفاهم والانسجام واحترام كل دولة لمصلحة الدولة الأخرى، ونذكر على سبيل المثال أن اتفاق الشراكة الإستراتيجية الشاملة لسنة 2014، يعد الأول من نوعه بالنسبة للصين مع دولة عربية.
ويتجدّد الحديث عن توقيع الجزائر على “الخطة الخماسية الثانية للتعاون الإستراتيجي الشامل” مع الصين، للفترة الممتدة من 2022 إلى2026، وهذا من شأنه أن يكرس آفاقا مشرقة من التعاون المعمق والمكثف، وجاء ذلك تزامنا مع تقدم الجزائر رسميا بطلب الانضمام إلى مجموعة “بريكس”، وكانت الصين قد أبدت دعما غير مشروط لانضمام الجزائر إلى التكتل، تماما مثل روسيا التي تعد بدورها أحد الشركاء الرئيسين للجزائر.
الشراكة بين البلدين تتوسّع بشكل مطرد، ويشجّع ذلك على توسيع نطاقها أكثر، على خلفية أن فرص الاستثمار في الجزائر كبيرة ومربحة، تفتح في كل مرة شهية شركائها وفي صدارتهم الصين، وعلى اعتبار، أن الخطة الخماسية الجديدة تنصّ على تكثيف التعاون في عدة قطاعات، من بينها نذكر كل من الاقتصاد والتجارة والطاقة وكذا الزراعة والعلوم والتكنولوجيا والفضاء والصحة وحتى الثقافة.
وبالموازاة مع ذلك، ينظر الطرفان لبعضهما بثقة وتوافق، تحدوهما إرادة تطوير كل ما من شأنه أن يرفع نجاح شراكتهما المثمرة، ويترجم كل ذلك، نجاح الاستثمارات التي رأت النور واستثمارات أخرى قيد التجسيد.
وتراهن الخماسية الثانية، على مواصلة إنجاز وضخ المشاريع الاستثمارية في مختلف القطاعات الحيوية ويتطلع البلدان إلى تقوية الشراكة والتعاون واستدامتهما، ولقد قطعت الجزائر والصين مسارات طويلة من التعاون والثقة والالتزام باحترام كل طرف لمصلحة الشريك الآخر، فوجدت الجزائر في الصين الشريك الذي يقدم لها الإضافة الاقتصادية والمساعدة على تجسيد البرامج التنموية، ونفس الأهداف وجدتها الصين في الجزائر، بفضل استثماراتها الرابحة وبوابة الجزائر كسوق لقارة تتمتع بقدرات كبيرة، علما أن الصين لا تكتفي بنقل وتحويل التكنولوجيا للجزائر، بل تعكف إلى جانب ذلك، على تمويل المشاريع الضخمة.