تتجاوز علاقة الجزائر بالشريك الصين رزنامة مشاريع ينتظر منها تحقيق أرقام تضاف لحساب الاقتصاد، فالصين تحظى بمرتبة الحليف الاستراتيجي الذي تتقاسم الجزائر معه نفس الرؤى الجيو-استراتيجية تجاه القضايا المحورية العالمية، ما يؤسس لعلاقة صداقة متينة، يتطلع البلدان لتعزيزها عبر مجموعتي “بريكس” و«شنغهاي”.
أشاد الأمين العام للاتحاد الجزائري للاقتصاد والاستثمار، عبد القادر سليماني في اتصال أجرته معه “الشعب”، بالعلاقات التجارية الجزائرية الصينية الوطيدة، مشيرا إلى أن الصين تحتل المرتبة الأولى كأول مموّن للجزائر، بمبادلات تجارية بلغت قيمتها 14.6 مليار دولار سنة 2021، بنسبة نمو تقدر بـ32%، مقارنة بسنة 2020، بالمقابل صدّرت الجزائر ما قيمته 1.7 مليار دولار.
وقال سليماني إن الجزائر تعمل على تنويع سلة منتجاتها الموجهة للتصدير إلى الصين كسوق واعدة، تعتبر معدلات استهلاكها، الأكبر عالميا، بحكم معدل نموها الديمغرافي والنسبة المرتفعة لتواجد الجالية المسلمة بها، كما تعتبر الصين من أكبر الدول المستثمرة بالجزائر، حيث بلغت قيمة استثماراتها خلال الـ15 سنة الماضية، ما قيمته 24 مليار دولار، شملت العديد من القطاعات على غرار البنى التحتية، كما امتدت الاستثمارات الصينية إلى قطاع المناجم، حيث بلغت استثماراتها بغار جبيلات 3 مليار دولار، مقابل 7 مليار دولار بمنجم الفوسفات بتبسة. كما شملت الاستثمارات الصينية قطاع المحروقات، حيث طوّرت الشركات النفطية الصينية العديد من حقول الإنتاج النفطي والغازي بالجزائر. وكانت سوناطراك قد أبرمت العديد من الصفقات مع الشركات النفطية الصينية، في مجال التنقيب والإنتاج، على سبيل الذكر الاتفاقية التي تمّ توقيعها بين سوناطراك و«بيتروفاك” والمجمع الصيني “HQ”، لبناء مركب أرزيو للبتروكيماويات، بقيمة استثمارية تقدر بـ1.5 مليار دولار.
شراكات اقتصادية متينة
وقال سليماني، إن الجزائر تعيش مرحلة تحول اقتصادي وتنموي شامل، يقوم على تغيير جذري للنموذج الاقتصادي والتوجّه إلى اقتصاد متنوع ومستدام، متحرّر من الريع النفطي، حيث يتمحور النموذج الاقتصادي للجزائر على تثمين الموارد والثروات الطبيعية في القطاعات الاقتصادية الإستراتيجية خارج المحروقات مثل الطاقات المتجدّدة، اقتصاد المعرفة، الفلاحة والسياحة من جهة، والاندماج ضمن سلسلة القيم العالمية من جهة أخرى، من خلال شراكات وتحالفات اقتصادية دولية مبنية على المصالح المشتركة البراغماتية، خاصة بعد اعتماد الجزائر لقانون الاستثمار الجديد وما يوفره من استقرار استثماري لا يقل عن 10 سنوات، مما يحفّز كبريات الشركات الاستثمارية الأجنبية، وجعلها تسارع إلى الظفر بمناقصات واتفاقيات شراكة من أجل الاستثمار في مختلف القطاعات المتعطشة للشراكة بالجزائر كالبنى التحتية، صناعة المركبات، لاسيما صناعة السيارات حيث ترقب الخبير دخولا قريبا لسيارات “جاك” الصينية إلى الجزائر.
انسجام اقتصادي..
يرى سليماني أن المتتبع للعلاقات الجزائرية الصينية، سيستنتج بوضوح ذلك الانسجام الاقتصادي بين البلدين، مرجعا ذلك إلى تقارب الرؤى الجيو-استراتيجية بين البلدين، القائمة على الامتداد التاريخي والانسجام الاستراتيجي، وتوافق المواقف تجاه كبرى القضايا الدولية المرتبطة بحق الشعوب في تقرير مصيرها. بالإضافة إلى النظرة الاقتصادية المشتركة بين البلدين والإستراتيجية الاجتماعية المتبناة من طرفهما، ما شجّع الجزائر على إبداء رغبتها في الانضمام إلى منظمتي “بريكس” و«شنغهاي”، ومبادرة الحزام والطريق الحريري من أجل تحقيق مشاريعها الهيكلية وتحقيق تنميتها المستدامة بمرافقة صينية.
في ذات السياق، ذكّر سليماني بالقمة العربية الصينية التي نظّمت سنة 2022 بالسعودية، أين صنفت الجزائر كأكبر بلد عربي من حيث التعاملات الاقتصادية المشتركة مع الصين والعلاقات التاريخية المتسمة بالمواقف الثابتة والمشتركة التي شكّلت الركيزة الأساسية للتوقيع على الخطة الخماسية الثانية للتعاون الاستراتيجي بين البلدين، من أجل تكريس استدامة العمل المشترك ومضاعفة معدلات التجارة البينية بينهما.