تطرق باحثون، في ندوة تاريخية نظمتها يومبة المجاهد، اليوم الإثنين، إلى إشكالية المصطلحات التاريخية الخاصة بثورة الجزائر وضرورة تصحيحها.
كي نحمي الذاكرة الجماعية للجزائريين، خاصة وأننا اليوم نشهد تصريحات بعض المسؤولين الفرنسيين الحاقدين يتداولون فكرة أن الجزائر صنيعة فرنسية ولم تكن دولة قبل الاحتلال الفرنسي لبلادنا، ومحاولة ترسيخ فكرة “حرب التحرير” بدل “ثورة التحرير” لتبرير جرائمها ضد الإنسانية في حق الجزائريين، والتهرب من معاقبة القانون الدولي.
أكد البروفيسور مزيان سعدي، رئيس المجلس العلمي بالمتحف الوطني للمجاهد، أن بداية الحديث عن الدولة الجزائرية الحديثة كان في 1519، تاريخ الإلتحاق الرسمي بالخلافة العثمانية، بعد استنجاد أهالي الجزائر بالباب العالي لتخليصهم من الغزو الإسباني على سواحلها،حيث كانت تسمى “جزاير”.
وأضاف البروفيسور مزيان، أنه في عهد الدايات برزت مظاهر استقلالية الجزائر عن الدولة العثمانية، وكان الداي الجزائري يبرم المعاهدات التجارية مع الدول الأوروبية دون الرجوع إلى الباب العالي، وحتى الحروب، كما أن الجزائر اعترفت بإستقلال الولايات المتحدة الأمريكية في 1756، والوثيقة ما تزال موجودة بالبيت الأبيض الأمريكي.
وأشار المحاضر إلى أنه من مظاهر استقلالية الدولة الجزائرية هو وجود 61 قنصل فرنسي في الجزائر قدموا وثائق الإعتماد للداي، وصحح المؤرخ مفهوم القرصنة الذي يطلقه الغرب في كتاباتهم عن البحرية الجزائرية، وقال أن الجزائر لم تكن تمارس القرصنة ولم تعتدي على سفن الأخر بل كانت تحمي سفنها من القراصنة الإسبان والألمان والسويديين، وتحصل على الغنائم، إضافة إلى أن بلادنا كان لديها 57 رايس بحري جزائري أشهرهم الرايس حميدو ومراد رايس.
وعرج البروفيسور مزيان، في مداخلته للحديث عن جرائم جنرالات فرنسا بالجزائر منذ 1830 وعلى رأسهم الجنرال السفاح بيجو، الذي أول من سن الإبادة الجماعية وسياسة الأرض المحروقة، وفي 1832 جمعوا عظام الشهداء ونقلوهم إلى مدينة تولوز بفرنسا بصناعة بياض السكر، وأشار إلى وجود 1800 جمجمة جزائريين متواجدة حاليا بمتحف الإنسان بفرنسا.
ضرورة تصحيح المصطلحات التاريخية
وقالت المحامية والباحثة في القانون التاريخي، فاطمة الزهراء بن براهم، أنه حان الوقت لتصحيح المصطلحات التاريخية، وأشارت إلى أنه بتاريخ 23 ديسمبر 1966 سلمت فرنسا للجزائر 450 سجل للمحاكم الشرعية والبايلك، التابعة للإدارة الجزائرية قبل 1830 باللغتين العربية والتركية، وهو دليل على أن الجزائر كانت دولة قبل الاحتلال الفرنسي، عكس ادعاءات الرئيس الفرنسي إبمانويل ماكرون، والأحزاب الفرنسية المتطرفة التي تدعي أن الجزائر لم تكن دولة بل صنيعة فرنسية.
وأضافت بن براهم، أن الحاكم العام دوبرومون، عندما استولى على هذه السجلات إعترف بأن الجزائر كانت حضارة ولم يكن شعبها متوحشا مثلما كانوا يظنون، وتأسفت الباحثة عن إدراج كلمة حرب الجزائر في الدستور الجزائري الحالي، وطالبت بتصحيح هذا المصطلح، لأن هذا يخدم فرنسا ويفقدني شرعية محاكمتها على جرائمها ضد الإنسانية في المحاكم الدولية وفقا لإتفاقية روما في 17جويلية 1998. وبالتالي تتملص فرنسا من مسؤوليتها عن هذه الجرائم.