تعدّ العلاقات بين الصين والجزائر نموذجًا يُحتذى به في تعزيز الصداقة والتعاون بين الدول، فقد توطدت هذه العلاقة على مرّ العقود، وأصبحت رافدًا هامًا للتبادل الثقافي والتجاري بين البلدين. وفي هذا اليوم المميّز، وصل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى الصين في زيارة رسمية عكست عمق الروابط بين البلدين. وجاءت زيارة تبون إلى بكين بدعوة من الرئيس الصيني شي جين بينغ.
بقلم: حنان لي
يصادف هذا العام الذكري 65 لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بين الصين والجزائر، والذكرى 60 لإرسال الصين فريق طبي إلى الجزائر، والذكرى 40 للتعاون الدفاعي والصناعي بينهما. وتأتي زيارة الرئيس الجزائري إلى الصين كأول زيارة رئيس جزائري إلى الصين منذ 15 عامًا.
كانت الصين أول دولة غير عربية تعترف بالجزائر في سبتمبر عام 1958، وكانت الجزائر أول دولة عربية تقيم معها الصين علاقات شراكة استراتيجية شاملة في عام 2014.
تعود بداية العلاقة الوثيقة بين الصين والجزائر إلى الستينيات من القرن الماضي، حينها أعرب البلدان عن رغبتهما في تعميق التفاهم المتبادل وتعزيز التعاون في مجموعة متنوعة من المجالات، بما في ذلك التجارة والاقتصاد والثقافة. منذ ذلك الحين، شهدت العلاقة تطورات مذهلة، حيث باتت الصين والجزائر شريكين استراتيجيين يتبادلان الدعم والتعاون في المحافل الدولية.
يتميز التعاون الاقتصادي بين البلدين بالتنوع والشمولية، حيث يتبادلان الموارد والخبرات في مجموعة واسعة من القطاعات الحيوية. تُعَدُّ الطاقة واحدة من أبرز المجالات التي تجمع الصين والجزائر، إذ تستفيد الجزائر من مكانتها الإستراتيجية في إنتاج النفط والغاز، بينما تمدّ الصين الجزائر بالاستثمارات والتكنولوجيا المتقدمة. كما يتعاون البلدان في مجالات البنية التحتية والنقل والتصنيع والزراعة وغيرها، مما يسهم في تحقيق التنمية الشاملة لكلا الشعبين.
ولكن، ليست الجوانب الاقتصادية وحدها هي التي ترسخ عمق العلاقة بين الصين والجزائر، فالأواصر الثقافية تأتي ضمن الترابط المتنامي بين البلدين أيضًا. تُعتبر التبادلات الثقافية والتعليمية أحد أهم الركائز التي تعزز فهم الشعبين لثقافات بعضهما البعض. يتمثل ذلك في إرساء الجسور بين الطلاب والأكاديميين والفنانين والثقافات، مما يُسهم في نشر التسامح والاحترام المتبادل بين الشعبين.
تأتي زيارة الرئيس عبد المجيد تبون إلى الصين في وقت يشهد فيه العالم تغييرات كبيرة، حيث تعزز هذه الخطوة الدبلوماسية الرفيعة النسق من الثقة والتعاون بين البلدين. يعكف الرئيس الصيني شي جين بينغ والرئيس الجزائري عبد المجيد تبون على مناقشة سبل تطوير الشراكة وتعميق التعاون الثنائي في مختلف الميادين، وبصفة خاصة تعزيز التبادل التجاري والاستثماري بين البلدين.
إنّ التعاون بين الصين والجزائر يعدّ فرصة لتحقيق التقدم والازدهار لكلا البلدين وشعبيهما. فالصداقة الوطيدة بين البلدين تكمن في قوة الروابط الشخصية والثقافية بين الشعبين، وفي الرغبة المشتركة في خلق مستقبل مشرق يعزز التنمية والازدهار للجميع.
إنّ العلاقة الراسخة بين الصين والجزائر تظهر مدى أهمية الصداقة والتعاون الدولي في تحقيق التقدم والاستقرار في عالم متغير ومتنوع. تُعَدّ هذه الزيارة الرسمية للرئيس عبد المجيد تبون إلى الصين، نقطة تحول هامة تعزز من التواصل البنّاء والتفاهم المتبادل بين البلدين، وتمثل فرصة للتبادل الثقافي والتجاري الذي يحمل معه فوائد لا تُقدّر بثمن.
في ظل التحديات العالمية الحالية، يؤكد التعاون الثنائي بين الصين والجزائر على ضرورة تكثيف الجهود لمواجهة التحديات الكبرى، مثل التغير المناخي وجائحة الصحة والفقر، بالإضافة إلى تعزيز جهود تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.
تأتي هذه العلاقة الطيبة بين الصين والجزائر كنموذج للتعاون البنّاء بين الدول، وتجسّد التزام كلٍ منهما بالتعاون والتفاهم المتبادل، مما يعزّز الاستقرار الإقليمي والدولي ويحقق الرفاهية والازدهار للشعبين.
لذا، يجب على المجتمع الدولي الاستلهام من هذه العلاقة القوية والمثمرة بين الصين والجزائر، وأن تعمل جميع الدول على تعزيز التعاون والتفاهم المتبادل، والعمل معًا لمواجهة التحديات العالمية المشتركة وتحقيق الاستقرار والازدهار للجميع.
في النهاية، تبقى الصداقة والتعاون الوثيق بين الصين والجزائر نموذجًا للعلاقات الدولية المثمرة، حيث يتعاون البلدان لتحقيق المصالح المشتركة والارتقاء بالشعوب نحو مستقبلٍ أكثر تنمية وازدهارًا. وبهذا الروح، تبقى الصداقة بين الصين والجزائر قوية ومستدامة وقادرة على مواجهة التّحديات المستقبلية بثقة وتفاؤل.