أكدت المكلفة بالإعلام بالديوان الوطني للأرصاد الجوية، هوارية بن رقطة، أن “الجزائر تشهد وضعية جوية استثنائية متردّدة”، تعود إلى تمركز مرتفع للضغط الجوي العلوي على المناطق الشمالية، عوض أن يكون متمركزا وسط الصحراء كحالة عادية واردة في هذه الفترة من شهر جويلية، موضحة أن غير العادي هو استمرار تمركز الضغط الجوي القوي والمرتفع، في المناطق الشمالية للوطن، ومنطقة حوض البحر المتوسّط.
أرجعت هوارية بن رقطة، أسباب هذه الوضعية الجوية الاستثنائية، إلى آثار التغييرات المناخية، الناجمة عن الارتفاع غير العادي لمعدل درجة حرارة سطح الأرض، وهي أسباب واضحة سبق وأن أكدتها المنظمات الدولية المتخصّصة في رصد الأحوال الجوية، وتوقعت تعرض منطقة شمال إفريقيا لموجات من الحرارة الشديدة القوية والمتردّدة خلال فصل الصيف، إلى جانب تقاريرها عن التقلبات الجوية في فصل الشتاء والفترات الانتقالية بين الفصول، وهي عموما سيناريوهات احتملت تعرض منطقة حوض البحر المتوسط إلى موجة الحر الشديدة بنسبة 80%.
التأقلم ووضع إستراتيجية طويلة المدى.. أولوية..
ولفتت بن رقطة الانتباه إلى أن الجزائر ليست في منأى عما يقع في العالم من آثار التغيرات المناخية التي تسبّب فيها الاحتباس الحراري، فالمبررات العلمية تشير إلى ارتفاع معدل حرارة سطح الأرض لأكثر من درجة أو درجتين، ما أدى إلى تذبذب في المناخ على المستوى العالمي، وهو ما يفسر أيضا بعض الظواهر المناخية التي تشهدها العديد من الدول، وتتباين بين موجات الحر، والفيضانات والسيول.
وأشارت بن رقطة إلى أن الجزائر سجلت درجات حرارة قياسية، في الأسبوع الماضي، أقصاها 50 درجة بأدرار و49 درجة مئوية تحت الظل ببراقي في العاصمة، موضحة أنه لابد من التأقلم الآني مع هذه الوضعية الجوية، والعمل على رسم استراتيجية طويلة المدى، لمواجهة آثار التغييرات المناخية.
العلوي: الاحتباس الحراري يهدّد الأمن الغذائي والمائي
بدوره أوضح المختص في الاقتصاد الأخضر، احمد توفيق العلوي، أن المسائل العالميّة المُتعلقّة بالبيئة والموارد الطّبيعيّة، لابد أن تكون في صدارة نقاشات الأمم، حيث ترتبط قضية الأمن الغذائي بالأمن البيئي، فيؤثر عليها الأثر السلبي بسبب التغيرات المناخية الناجمة عن الاحتباس الحراري الذي يتسبب فيه نمو النشاط الصناعي والتلوث البيئي، وعليه يتحتم على الأمم، الحرص على أمنها البيئي، من خلال الاستغلال الأمثل للموارد المتجدّدة وغير القابلة للتجديد، والحد من تأثير التلوث على التجديد الطبيعي لعناصر الماء والهواء والتربة، وكبح مخاطر النشاط الصناعي، مع العمل على حماية البيئة من التخريب والاستغلال المفرط وغير المستدام للموارد الطبيعية.
وأشار العلوي إلى أن ازدياد الاحتباس الحراري وارتفاع درجة حرارة الأرض، هما من العمليّات الطّبيعيّة التي لا يمكن أن ينحصر تأثيرهما في منطقة جغرافيّة واحدة، وفي ظلّ التّأثيرات الاقتصاديّة على البيئة، كالتلوّث والاحتباس الحراري والتّغيّر المناخي، يصبح الأمن البيئي والغذائي منعدما، ما يملي على الدول إيجاد حلول لهذه المشاكل المتداخلة، من أجل ضمان استمراريّة المكسب المزدوج، أي بين الأنشطة الاقتصاديّة للبشر فوق سطح كوكب الأرض، والبيئة، وذلك بالوصول نحو اقتصاد يضمن الاستدامة التّنمويّة.
واعتبر الاستاذ العلوي، ضمان استدامة النّظم الغذائيّة أمرا أساسيا في خطّة التّنمية المستدامة، وأساسه هو المحاصيل والثّروة الحيوانيّة والموارد الطّبيعيّة، الموجودة عرضة لآثار تغيّر المناخ، حيث يؤثر تغير المناخ على النظم الغذائية والإنتاج الزراعي، من خلال التحولات التدريجية، مثل درجات الحرارة المرتفعة وتركيزات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوّي، وتوغّل المياه السّاحليّة وزيادة الملوحة، وزيادة تواتر وشدّة الظّواهر الجويّة القصوى، وكذلك من خلال التّغيّرات في شدّة هطول الأمطار.