تشهد العلاقات الجزائرية التركية حركية وديناميكية لافتة في الآونة الأخيرة، تعزّزت منذ بلوغ الرئيس تبون سدّة الحكم، وهو الذي تعهد بإعادة بعث الدبلوماسية الجزائرية إلى سابق عهدها والنهوض بالاقتصاد الوطني، من خلال تعزيز الشراكات مع الدول الصديقة والموثوقة مثل تركيا.
تعتبر زيارة الرئيس تبون لتركيا الثانية من نوعها خلال أقل من سنة ونصف، كما أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كان أول رئيس يزور الجزائر أشهرا معدودة عقب انتخاب رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون رئيسا للجزائر العام 2019.
وتتوافق أنقرة والجزائر حول العديد من الملفات والقضايا والأزمات السياسية الراهنة، كما أن المبادلات التجارية بين البلدين ما فتئت ترتفع من سنة لأخرى، رغم الركود الذي ميّز العالم خلال وبعد الجائحة الصحية، ناهيك عن الهبة التضامنية للجزائر ساعات معدودة عقب الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا مطلع السنة الجارية.يرى الأستاذ بالمدرسة العليا للعلوم السياسية بجامعة الجزائر، الدكتور حمزة حسام، في تعليقه على زيارة الرئيس تبون لتركيا، أنها تأكيد على حرص الجزائر وتركيا على العلاقة بينهما، وهي علاقات متجذرة في التاريخ، وتأكيد على أهمية العلاقة بالنسبة للطرفين اللذين تجمعهما عدة مصالح وعدة قضايا خاصة على مستوى الدائرة المتوسطية.
وأشار المحلل السياسي حمزة حسام إلى أن هناك تقاربا كبيرا جدا في الرؤى بين الجزائر وتركيا تعزَّز أكثر منذ بلوغ الرئيس عبد المجيد تبّون سدّة الحكم في البلاد، وخاصة فيما يتعلق بالمسائل الإقليمية وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وأضاف أن هذا التوافق بين القوتيّن الإقليميتين من شأنه أن يدفع بمسار تسوية هذه الأزمات.
وفي ذات السياق، قال حمزة حسام إنّه “فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، أعتقد أن اليوم سواء تحدثنا عن الجزائر أو عن تركيا، فهما دولتان لديهما علاقات طيبة وقوية مع كافة الفصائل الفلسطينية ويحظيان باحترام كثير من الفصائل”.وأضاف أن التوافق بين الجزائر وتركيا فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية مع الاحترام الذي يحظيان به على مستوى الفصائل الفلسطينية، من شأنه أن يعجل بالوحدة الفلسطينية وهو المطلب الأساسي اليوم، وما أعقب مبادرة لمّ الشمل الفلسطيني خير دليل على قدرة الجزائر على دعم الفلسطينيين في إحراز نقاط لصالح قضيتهم، وعليه، تركيا والجزائر سيقدمان المزيد من الدعم والدفع للفصائل الفلسطينية.
أوضح المحلل السياسي حمزة حسام أن من الأهداف الأساسية من زيارة الرئيس تبّون لتركيا الرفع من حجم المبادلات بين البلدين وزيادة حجم الاستثمارات على نحو يساعد الجزائر في تسريع وتيرة نمو اقتصادها ونمو ناتجها المحلي الخام.
واليوم، الجزائر دخلت في ديناميكية اقتصادية مهمّة جدّا من أجل التسريع من مستوى نموها، وفي الوقت نفسه، تتخلص من التبعية لقطاع المحروقات، وبالتالي، كل الشركاء الاستراتيجيين والشركاء الاقتصاديين الموثوق فيهم، والذين لديهم القدرة في مساعدة الجزائر على بلوغ هذا الهدف مرحب بهم، خاصة بعد إقرار قانون جديد للاستثمار.وأضاف محدثنا أن الهدف بين البلدين هو بلوغ حجم مبادلات إلى معدل 10 ملايير دولار، وهو هدف يمكن تحقيقه بالنظر إلى إمكانيات الاقتصاد لدى البلدين والنيّة والرغبة التي نلمسها لدى الرئيسين للوصول الى هذا الهدف.ويرى الدكتور حسام أن هناك قاعدة أساسية أو مبدأ أساسيا ترسخ من خلالها الجزائر علاقاتها مع الدول، وهذا المبدأ هو “الثقة”، وأوضح أن هذا ما يفسّر الحركية والديناميكية في العلاقات الجزائرية التركية، فهذا دليل على أن الجزائر تثق في تركيا وتثق في الدّعم التركي في مختلف المجالات والقضايا، لهذا تحتاج الجزائر الدعم التركي خاصة على المستوى الإقليمي وخدمة للقضايا التي تعنى بها الجزائر والتي تمس أمنها سواء على المستوى المغاربي أو على مستوى المتوسط.