أطلقت جمعيات ومنظمات مدنية حملات تحسيسية واسعة لتوعية المواطنين بمخاطر الحرائق ودفعهم إلى العمل الميداني من خلال عمليات التبليغ وكذا المساهمة في حملات التنظيف والتشجير.
أجمع فاعلو المجتمع المدني في تصريحاتهم لـ”وأج”، أن العامل البشري يبقى “السبب الرئيسي” في الحرائق، وهو ما يتطلب المرافقة والتوعية لقلب المعادلة وإيصال الرسالة لأكبر عدد من المواطنين ودفعهم للمشاركة في حماية الثروات الغابية والبيئة.
وفي هذا الإطار، أبرز رئيس المنظمة الجزائرية للبيئة والمواطنة، سفيان عفان، أن الهيئة، باعتبارها فاعلا مدنيا، شاركت في الجهود الوطنية المشتركة للتوعية والتحسيس في إطار مكافحة ظاهرة حرائق الغابات، وذلك عبر تنظيم حملات جوارية بالتنسيق مع مصالح إدارة الغابات والحماية المدنية ومصالح الشرطة والدرك الوطني.
وشملت هذه الحملات مستعملي الطرقات لحثهم على تفادي الرمي العشوائي لبقايا المواد المستعملة القابلة للاشتعال كأعقاب السجائر، عبوات العطور، القارورات الزجاجية، إلى جانب تنظيم حملات في المنتزهات الغابية للتحسيس بخطورة أعمال الشواء والرمي العشوائي للمعدات القابلة للاشتعال وكذلك المواد الملوثة.
وعملت المنظمة -يضيف عفان- على توسيع نشاطها بالنزول إلى التجمعات كالأسواق الشعبية، المقاهي، مراكز التسوق، بغرض نشر ثقافة التبليغ عن الحرائق، وتوعية الشباب بضرورة تفادي سلوكيات الإشعال العمدي للنيران بغرض جمع مادة الفحم.
من جانبه، أوضح عضو المجلس الوطني لقدماء الكشافة الإسلامية الجزائرية، منير عربية، أن جمعيتهم تعمل كذلك على المساهمة في مكافحة الحرائق ببرنامج يمتد على مدار السنة، حيث يرتكز على العمل الوقائي من خلال عمليات التحسيس التي تقوم بها الأفواج مدعومة بعمليات تنظيف محيط الغابات والمناطق الجبلية من النفايات التي يخلفها الزوار عقب النزهات.
وأضاف أن أفواج قدماء الكشافة البالغ عددهم 400 فوج كشفي، يواصلون نشاطهم خلال الصائفة، من خلال المخيمات الصيفية التي تقوم بها الجمعية عبر جل المناطق الساحلية، مشددا على أهمية غرس روح المبادرة وحماية الثروات الغابية في الجيل الصاعد.
وفي هذا الشأن، أطلقت الجمعية مجموعة مشاريع وبرامج تصب في إطار حماية البيئة ودعم الجهود الرسمية في الوقاية من الحرائق، من بينها مشروع “شجرة لكل شهيد”، الذي يستهدف بلوغ مليون ونصف شجرة، إلى جانب مشاريع إعادة تشجير الغابات المتضررة بالتنسيق مع المديرية العامة للغابات.
إعادة التشجير، التحدي الأكبر..
وضمن الجهود المسخرة لتدارك الخسائر الناجمة عن حرائق السنوات الأخيرة، عمد فاعلون إلى إطلاق تحدي إعادة التشجير، حيث حصلت المنظمة الجزائرية للبيئة والمواطنة بناء على الاتفاقية الإطار المبرمة مع المديرية العامة للغابات في إطار الحملة الوطنية للتشجير على أوعية غابية من أجل غرسها ومتابعتها.
من جهتهم، يراهن القائمون على مبادرة “الجزائر الخضراء” بعدما بلغت عامها العاشر، على الجمع بين المساهمة في عمليات تشجير الأحياء السكنية والغابات.
وتقوم المبادرة التي انطلقت تحت شعار “أمام كل بيت شجرة”، وفقا لتوضيح القائم عليها، فؤاد معلى، على شقين، يتعلق الأول بغرس الأشجار عبر مختلف الأحياء السكنية وهو ما تحقق على مستوى 58 ولاية، بينما يستهدف الشق الثاني تعويض الخسائر التي تكبدتها الغابات جراء الحرائق.
وشملت هذه العملية -مثلما أشار إليه معلى- عدة ولايات نموذجية على غرار باتنة، المسيلة، بسكرة، أولاد جلال ومختلف الولايات التي مستها الحرائق لتبلغ الحصيلة الحالية عشرات آلاف الأشجار بمعدل نجاح يتراوح بين 80 إلى 90 بالمائة.
واختار القائمون على المبادرة، غرس الأشجار المثمرة المعمرة لتعويض خسائر الغابات على غرار الزيتون، الخروب، الفستق الأطلسي، فضلا عن البلوط في المناطق الباردة، لاتسامها بالمقاومة.
أما بالنسبة للولايات الجنوبية، فكشف معلى عن إطلاق مشروع “سدود خضراء” يتشكل من الأشجار المحلية، والذي تم الشروع في عينة نموذجية عنه بولاية إن صالح.
وأثنى بالمناسبة على الاهتمام المتنامي للمواطنين بعمليات التشجير، مؤكدا أن تفاعلهم مع المبادرة مكن من توسيعها لتجوب 58 ولاية، سيما في ظل التزامهم بالسقي المتواصل للشتلات، مضيفا أن “اهتمام المواطنين بالتشجير دعم مشروع +مشتلة في كل بيت+ بشكل يعكس تعلق الجزائريين بالاخضرار”.
من جهتها، تراهن الجمعية الوطنية للعمل التطوعي على تحقيق أهداف التنمية المستدامة على أرض الواقع، على حد توضيح رئيسها، عبد الرؤوف زروقي، الذي تسعى جمعيته لتحقيق رهان “غرس ثقافة حماية البيئة…مسؤولية الجميع”.
وأضاف المتحدث أن “المواطن هو حجر الأساس في مسعى حماية الغابات والمحيط البيئي، وذلك من خلال وعيه بأن البيئة فضاء يجمع الجميع وينبغي حمايته عن طريق التحلي بالمسؤولية الاجتماعية”.
وكانت وزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية قد أطلقت شهر جوان المنصرم حملات تحسيسية جوارية عبر الوطن تتواصل نشاطاتها طيلة موسم الصيف، بمشاركة عدد من القطاعات الوزارية والهيئات والمؤسسات ذات الصلة وفعاليات المجتمع المدني.
وتهدف هذه الحملة إلى نشر ثقافة الوعي بأهمية الحفاظ على الثروة الغابية من الحرائق والتأكيد على أهمية الاقتداء الصارم بالسلوكيات الجيدة من خلال عدم إشعال النار ومواقد الشواء على مقربة من المحيط الغابي والزراعي، وكذا تفادي رمي أعقاب السجائر والمخلفات الزجاجية وعدم حرق الأعشاب بطريقة عشوائية، إلى جانب الامتناع عن إطلاق الألعاب النارية وتفادي الأشغال الخارجية المولدة للشرارات.