ارتاح أصحاب الدّراجات النارية، والتزموا بالقوانين، بعد أن اقتنعوا، مع الحملة التحسيسية الوطنية الواسعة التي حركها الأمن الوطني، بأن قانون المرور إنما وضع لخدمة الناس، وحمايتهم، غير أن اختلاف النّهار واللّيل – على رأي عمنا أحمد شوقي – يُنسي، ويبخّر المعلومات من الرؤوس بسهولة كبيرة، إذ لم تلبث الدّراجات النارية سوى الشهر والشهرين، حتى عادت إلى ضلالها القديم، تخترق صفوف السيارات، وتتجاوز من كل الجهات، ولا تحمّل راكبيها عناء لبس الخوذات، ولا الانصياع لمنطق الطرقات، بل إنّها أضافت (بدعة) جديدة، فصار الدّراجون يصرّون على استعمال (الكلاكسونات) دون توقف، وإشعال أضواء التنبيه، وكأن راكب الدّراجة النارية يسارع إلى فتح قرطبة..
وقد تحدث زحمة بالطريق في وقت ذروة، فيجد أصحاب السيارات أنفسهم مرغمين على «التأهب» لأي دراجة نارية قد تتنزل عليهم من حيث لا يحتسبون، فأصحاب الدّراجات لا يهتمون بـ (ذروة) ولا بـ(زحمة)، وإنما (ينهبون) الطريق كما يشاء لهم، فـ(يتحككون) على سيارة هذا، و(يتوكأون) على سيارة ذاك، ويا ويح من يقول (أفّ) من هذا السلوك، فإنّه سيسمع (المعلّقات الطوال) في حق أجداد جدوده الأولين، ويكون محظوظا إن لم يبلغ (الأفّ) به إلى درجة الاعتداء الجسدي..
حال الطرقات عندنا لا تسرّ، والدّراجات النارية المنتشرة بضراوة تزيد من هموم مستعملي الطرقات وأوجاعهم، وليس من سبيل للتخلص من هذه الآفات سوى تفعيل العقوبات الرادعة، فالحوادث بلغت عندنا مستوى لا يطاق، والدراسات والتقارير كلها تؤكد أن السبب المباشر الأول.. بشري..