دعا الرئيس تبون إلى حشد المزيد من التمويل من أجل تنفيذ المشاريع التنموية وإعادة الإدماج وفق فترة زمنية محدّدة.
وشدد رئيس الجمهورية في أشغال المؤتمر الدولي حول التنمية والهجرة، على أن بلادنا ستواصل دعمها لمساعي التنمية في إفريقيا، مذكرا بتخصيصها لمبلغ مليار دولار لدعم التنمية والإدماج بهذه الدول.
وقال الرئيس تبون. إن أولى خطوات تنفيذ قرار تخصيص هذا المبلغ المالي، تجسدت من خلال تصور مشاريع تنموية لفائدة الدول الإفريقية، لاسيما النيجر ومالي، وهو ما يعد “مساهمة حقيقية في مساعي التنمية التي تعتبر أنجع السبل لمحاربة الهجرة غير الشرعية”.
وأشار الرئيس إلى أن الجزائر تحولت. بحكم موقعها الجغرافي الاستراتيجي والتنمية الاقتصادية التي تشهدها في الفترة الأخيرة، وكذلك الاستقرار الذي يميزها، من بلد عبور إلى بلد استقبال واستقرار للمهاجرين القادمين من دول منطقة الساحل والصحراء، ومن بين بعض مناطق النزاع في بعض الدول في أفريقيا والمنطقة العربية.
ضروي لـ “الشعب”: أنوار عواصم الأوروبية سبب مباشر للظلام في إفريقيا
أوضح المحلل السياسي والخبير الاستراتيجي، الأستاذ شريف ضروي، أن الدول الأوروبية تسعى – بطريقة أو بأخرى – للحفاظ على بلدانها وشعوبها، وهو أمر منطقي وطبيعي أن تشدّد من الإجراءات الرقابية للحدود، وتكون صارمة أكثر في منح التأشيرة لكل راغب في دخول الاتحاد الأوروبي.
من جهة أخرى، ذكّر الخبير الاستراتيجي، البلدان الأوربية بالجانب الإنساني، وقبل بلوغ هذا المستوى من التشديد على منح التأشيرة والرقابة – يقول ضروي – ينبغي تحقيق تواز على مستوى القرارات التي يتخذونها، فحينما نتحدث عن التشديد والصرامة في الحدود أمام المهاجرين. سواء شرعيين أو غير شرعيين، ينبغي أن تسأل هذه الدول عن الكوارث الموجودة على مستوى البنية التحتية ومستويات المعيشة، وكارثية نمط الحياة بالعديد من بلدان القارة الإفريقية؛ فهناك بلدان كثيرة بإفريقيا بعيدة كل البعد عن الإحصائيات والتصنيفات الخاصة بالتنمية الاجتماعية وضرورات ومتطلبات الحياة. وضرب محدثنا مثلا بدولة النيجر، وهو مثال بليغ، بحسبه، فقال: “82٪ من شعب النيجر لا يعرف الكهرباء، ونحن نعيش كوارث من مرتدات سلبية جراء التغير المناخي والذي تعيشه كل دول العالم”.
وقال ضروي، إن دولة النيجر التي يستنزف منها اليورانيوم لإضاءة عواصم تتباهى بأنوارها، هي نفسها التي تعاني الأمرين على المستوى التنموي. والأوروبيون أمام مسؤولية تاريخية، على الأقل لمساعدة هذه الدول من أجل التنمية المحلية التي رافعت لها الجزائر، ولا تزال ترافع، فالمقاربة الجزائرية تقول دائما إنه لا توجد حلول أمنية وعسكرية في اللاإستقرار الأمني بالمنطقة، بل يجب أن تكون الحلول جذرية، وهذه الأخيرة تتمثل في التنمية لهذه الدول، بل تنمية حقيقية تضمن توفير فرص صانعة للحياة في المنطقة، كالشغل والتعليم والصحة والأمن الغذائي.
والجزائر تدعو لهذه المقاربة وتعمل على تنسيق الجهود مع دول هذه المنطقة، وكانت قد أعلنت قبل أشهر قليلة عن تخصيص مليار دولار لتنمية العديد من الدول الإفريقية أو المساعدة، وهو ما يدخل في إطار التضامن الدبلوماسي والعلاقات الإنسانية. وبعيدا عن كل العلاقات التجارية والاقتصادية، الجزائر لا تريد التطور على حساب دول المنطقة، لأنها تؤمن بمبدإ التطور للجميع.
وقال الأستاذ ضروي، إنه حينما تكون هناك كوارث أو أزمات، مهما كان نوعها بدول الجوار، فهذا يؤثر على العمق الاستراتيجي الذي تنشده الجزائر. وهنا ينبغي أن نتحدث أولا عن دول الجوار التي تعتبر امتدادا للعمق الاستراتيجي.
وبالعودة للحدث، قال ضروي: “بعد أن استعرضنا ما قدمته وتقدمه الجزائر لصالح التنمية في إفريقيا، ينبغي التذكير بأن الدول الأوروبية لم تقدم ولن تقدم أي شيء للدول الإفريقية”. وأضاف: “هذه الدول لم تقدم سابقا بسبب تاريخها الاستعماري المعروف، ولن تقدم مستقبلا لأنها تعتمد على معادلات حسابية في تنظيمها الاقتصادي، وتأثرت من تبعات الجائحة الصحية ولم تستقر اقتصاديا ومستويات النمو لديها تعرف تذبذبا، ولن تستطيع التحكم في التضخم إلا بعد خمس إلى سبع سنوات”.
وأوضح المحلل السياسي شريف ضروي، أن الدول الأوروبية في الظاهر تعلن عن تخصيص مبالغ وأموال ضخمة لفائدة تنمية الدول الإفريقية، لكن الواقع يقول إنها مازالت لحد الآن تتعامل بقاعدة الفائدة الكلية، وتنهب ثروات الدول الإفريقية، وتقدم جزءا قليلا لا يكاد يذكر على أساس التضامن وبعث التنمية في الدول النامية.
وأوضح المحلل السياسي، أن الجزائر واضحة في خطابها في هذا الموضوع، فهي تقدم دعما للنهوض بالتنمية في الدول الإفريقية من باب حسن الجوار وتنمية مستدامة دون نظرة استعمارية، مشيرا إلى أن الطرف الآخر من المتوسط لن يقدم للشعوب الإفريقية شيئا، إلاّ إذا تحركت حكوماتهم للحفاظ على مواردها الحقيقية واستغلالها لتطوير الداخل الإفريقي.
في سياق آخر، أشار ضروي إلى أن الجزائر حينما تتحدث عن حلول جذرية، فهي ترافع لمشاريع تنموية حقيقية، وهي البداية الحقيقية للاستقرار الاجتماعي، المرتبط بتوفير متطلبات الحياة خاصة، مضيفا أنه “ينبغي التنويه بأن الشعوب الإفريقية تبحث عن أساسيات الحياة، عكس الدول الأوروبية التي تبحث عن جودة الحياة”.