نجحت وزارة التعليم العالي في تسيير عملية «الرقمنة»، وأعفت طلبتها الجدد من (وعثاء السفر)، وأنقذتهم من (كآبة المنظر) في الطوابير، وأراحتهم من (هوشة) اللّهث وراء الوثائق، وسارت عملية التسجيلات الأولية دون عناء يذكر.. بل إن الواحد من الطلبة صار يجد الوقت الكافي كي يناقش خيارات التّخصصات مع أهله وذويه، وصار في إمكانه أن يتحرى لكل تخصص متطلباته..
نجاح وزارة التعليم العالي ليس ضربة حظ، فقد كان واضحا، منذ أعلن الرئيس تبون عن قمة عربية دون ورق، أن الوزارة استلهمت من القرار، وأعلنت ـ وقتها ـ عن مناقشات دون ورق، رغما عن بعض (المخذولين) الذين ظنوا أن ذلك من سابع المستحيلات، وها هي الأيام تثبت حصافة القرار، ووضوح الرؤية..
ولا شكّ أن النّجاح الذي تحقق لـ»التعليم العالي»، سيكون حافزا على النشر الأفقي لـ»الرقمنة»، إذ ليس يعقل – على سبيل المثال – أن تعدّ البنوك بطاقات الدّفع، ثم لا يجد أصحابها سوى أماكن معدودة لاستعمالها، تماما مثلما لا يعقل أن تعدّ «الداخلية» توثيقات الحالة المدنية، ثم يكتشف المواطنون أن الإدارات لا ترضى سوى بالختم الدائري (المعتّق).. أما الجميل المبدع في اللامعقول، فيتجلى حين يقبل الواحد من الناس على واحدة من محطات نفطال، فيكتشف أنها لا تقبل سوى بطاقاتها (النفطالية)، وأنها لم تسمع أصلا عن وجود بطاقات بنكية وأخرى بريدية..
نعتقد أن وقت النشر الأفقي للرقمنة قد أزف، فالبلاد مقبلة على التأسيس لتوجّه اقتصادي جديد لا يحتمل التردّد ولا التّخوّف، ولا البيروقراطيات البائدة والعقليات القديمة، خاصة وأن وزارة التعليم العالي قدّمت البرهان على أن «المستحيل» لا يمكن أن يكون رقميا..