سُخرت وسائل مادية وبشرية هامة لإنجاح عمليات إخماد الحرائق التي طالت المساحات الغابية والمحاصيل في عدد من الولايات ولإجلاء المواطنين وإسعاف الجرحى، وفُتحت تحقيقات ابتدائية للتحري حول الأسباب وكشف المتسببين في اندلاع الحرائق ببعض المناطق.
شهدت 16 ولاية – بحسب حصيلة لوزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية-، نشوب قرابة مائة حريق مست الغابات، الأدغال والمحاصيل الزراعية، وسجلت ولايات بجاية والبويرة وجيجل الحرائق الأوسع رقعة وذلك بفعل الرياح المعتبرة التي شهدتها هذه المناطق، حيث امتد بعضها إلى القرى المأهولة بالسكان وأسفر ذلك عن تسجيل 34 شهيدا (رحمهم الله) وعشرات الجرحى فيما تم إجلاء 1500 مواطن سيما ببلدية فناية بدائرة القصر وبلدية زبربر بدائرة الأخضرية.
ولمواجهة هذه الحرائق المندلعة، تم إقحام 8000 عون في الميدان، وتسخير 529 شاحنة من مختلف الأحجام فضلا عن الوسائل الجوية لإطفاء الحرائق، ما سمح بالتحكم في أغلبها.
وتتواصل عمليات إخماد الحرائق حاليا بـ11 ولاية، وذلك بتجنيد 13 رتلا متنقلا و3050 عون، تم تعزيزها صباح اليوم بـ12 رتلا متنقلا و1200 عون إضافي، وتدعمت بعد ذلك بـ10 أرتال متنقلة قادمة من الولايات غير المعنية بالحرائق، وفرقتان للدعم الجهوي.
وتستمر الطلعات الجوية لإطفاء الحرائق بتسخير 12 وسيلة جوية للإطفاء على مستوى هذه الولايات، بما في ذلك إقحام الطائرات المستأجرة والطائرة ذات السعة الكبيرة ( 200 B.E ) التابعة للقوات الجوية للجيش الوطني الشعبي، ويتواصل العمل على مستوى المناطق المتضررة، رغم الظروف المناخية الصعبة بفعل الرياح القوية والارتفاع القياسي لدرجات الحرارة.
وأوفد وزير الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية، السيد إبراهيم مراد، المدير العام للحماية المدنية، العقيد بوعلام بوغلاف، إلى ولاية بجاية، وأشرف شخصيا على سير العمليات الميدانية لإخماد الحرائق المندلعة وعلى مركز القيادة الذي تم تنصيبه بالوحدة الرئيسية للحماية المدنية للولاية.
وبدورها، شكلت وزارة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة، خلية أزمة بالتنسيق مع السلطات المحلية في الولايات المتضررة من موجة الحرائق لمتابعة تطورات الوضع عن كثب، كما تم إسداء تعليمات بتوفير كل الإمكانيات اللازمة، لتحقيق التكفل اللائق بالعائلات المتضررة، على غرار تجنيد كل مصالح الخلايا الجوارية للتضامن لتقديم التكفل النفسي والطبي للمتضررين وتقديم المساعدات الاستعجالية.
ومن جهتها، دعت وزارة الفلاحة والتنمية الريفية جميع المواطنين إلى المزيد من الحيطة وتفادي دخول الغابات نظرا للظروف المناخية غير العادية والمساهمة في عملية التوعية والتحسيس من خطر حرائق الغابات، وحثت على تفادي إشعال النار وتسهيل حركة المرور أمام المتدخلين لإطفاء الحرائق وكذا التبليغ عن أي خطر عبر الاتصال بالرقم الأخضر لإدارة الغابات 70-10 أوالرقم الأخضر للحماية المدنية 21-10.
واتخذت وزارة الصحة إجراءات للتكفل بالجرحى والمصابين في عين المكان، وتم نقل الحالات المتضررة إلى المصالح الاستشفائية المختصة، فيما تم تجنيد كل الوسائل المادية والبشرية بما في ذلك الأدوية والمعدات الطبية بكميات كافية، حيث “لم يتم تسجيل نقص في هذا الشأن” -مثلما أكدت عليه الوزارة-، كما تم تشكيل خلية متابعة على مستوى الصيدلية المركزية للمستشفيات والوزارة لمتابعة حالات الجرحى والمرضى وتوفير شروط التكفل بهم.
وإثر هذه الفاجعة الأليمة، بعث رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة وزير الدفاع الوطني، السيد عبد المجيد تبون، برسالة تعزية إلى عائلات المواطنين من المدنيين والعسكريين الذين استشهدوا جراء هذه الحرائق، مؤكدا لهم “تضامن الدولة المطلق في هذه الظروف العصيبة”.
وإثر استشهاد عشرة عسكريين تابعيين لمفرزة الجيش الوطني الشعبي بمنطقة بني كسيلة، وإصابة 25 آخرين بإصابات متفاوتة الخطورة، تقدم رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة باسمه ونيابة عن جميع مستخدمي الجيش الوطني الشعبي، بخالص التعازي والمواساة لأسر الشهداء وذويهم وللمؤسسة العسكرية.
وقدم رئيس مجلس الأمة، السيد صالح قوجيل والوزير الأول، السيد أيمن بن عبد الرحمان، بتعازيهما الخالصة لعائلات الضحايا.
للإشارة، أمر النائب العام لدى مجلس قضاء بجاية، والنائب العام لدى مجلس قضاء جيجل، وكلاء الجمهورية لدى محاكم بجاية، أميزور، سيدي عيش وأقبو، إضافة إلى محكمتي جيجل والطاهير، بفتح تحقيقات ابتدائية للتحري حول أسباب حرائق الغابات التي اندلعت بالولايتين وكشف المتسببين، وأكدا أنه “في حالة ثبوت الطابع الإجرامي والتخريبي، سيتم التخلي عن الملفات لقسم مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة بمحكمة سيدي امحمد”.