– أنت قريتي وجَبْتِ هذاك… (واسمو)؟!
– ماستر..
– إيه.. ماستر، كونغو، بارتنير.. المهمّ.. كاش ما درْتِ بالرياضيات؟
– الرّياضيّات مهمّة في الحياة..
– همّالا، لما تهبطي عند (لاليمونتاسيون) بكير، قولي له: 5 أس 2 +س س (فتحة) ناقص 4.. يعطيك اشْكارة حليب باطل..
هذا حوار دار بين اثنين يفترض أنهما يقدّمان عملا «فنيّا» على التلفزيون، ولا يحتاج حوارهما – بطبيعة الحال – إلى تشريح أو تفكيك، فهو مضاد لـ”المعرفة”، صريح في مكافحتها، حتى إنه يقيم “الحجة البالغة” على أن “الرياضيات” لا نفع لها في الحياة، بمجرد كيس حليب من عند (عمّه بكير)، بل إنه يستصغر رتبة «الماستر» حين يلحقها بماركات السيارات، فهو (سي فاهمها) دون منازع..
وقد يكون واضحا أن ما جاء بالحوار، سبق فنّي عالمي، وهو ممتنع عن بقية خلائق الله لن يدركوه ولو ارتقوا بسلّم، إذ لا يمكن لأحد من العالمين أن يبلغ درجة النبوغ التي حققها صاحب النصّ وقارئه أمام الكاميرا، والساعي بينهما بالتمويل، والناشر على الشاشات.. فهؤلاء جميعا منحوا «الفنّ» مرتبة لم يحلم بها السّابقون ولا اللاحقون، وجاؤوا بإبداع عظيم، ومهروه بـ»الواقعية»، فقد ظلّ الفنّ مواظبا على ضلاله، ملتزما بالحثّ على المعرفة، والدّفع إلى ما لا ينفع، حتى أخرجنا لهم «جهابذتنا» (الفنانين جدا جدا) وحوّلوا له مساره، فصار يقيم الحجة على أن الرياضيات مجرد كلام فارغ، وأن النفع الحقيقي هو «اشْكارة حليب»..
هذا الفنّ العظيم جدا جدا، هو الذي يصبّ (مخترعاته) في رؤوس الناس، وهو الذي يصنع سلوكهم، وهو الذي يتسلل إلى نقاء قلوبهم.. ولا حول لا قوة إلا بالله العلي العظيم..