أضافت “قناة فرانس 24”، التابعة لمجمع فرنس ميديا موند، العمومي الفرنسي، إلى سجلها الحافل باللامهنية، سقطة جديدة، وتحديدا تجاه الجزائر، مؤكدة انتماءها إلى فيلق حرب الجيل الرابع الذي لم يتوقف، في السنوات الأخيرة، عن استهداف كل ما هو جزائري.
فضحت وكالة الأنباء الجزائرية انحراف هذه القناة عن ضوابط الإعلام وأخلاقياته، وأكدت في برقيتها أن غايات وأهداف محركي دمى الصحافة الفرنسية صارت مكشوفة تماما، خاصة لما يتعلق الأمر بالأحداث في الجزائر.
لم يكن ممكنا التغاضي عن المعالجة التأجيجية لحرائق الغابات التي عرفتها الجزائر في 25 جويلية الجاري. ومشاهدة التقارير المنجزة، تعطي فكرة شاملة عن حجم الدعاية المغرضة والنوايا الخبيثة التي تتجاوز تسييس الموضوع، وتتعداه إلى أهداف تخريبية.
الفكرة الأهم التي أرادت إيصالها برقية وكالة الأنباء، إلى فرانس 24 وزملائها في مجمع الإعلام العمومي الفرنسي الخارجي، هي أنها مخترقة من قبل حركة “ماك” الإرهابية وأطراف أخرى من ذوي العقيدة الاستعمارية، وأن هوية من يتلاعب بالخط التحريري لها معروفة وقدمت تفاصيل دقيقة بشأن ذلك.
ويمثل الرد القاسي والشافي، من قبل وكالة الأنباء الجزائرية، آخر مسمار في نعش مصداقية هذا المنبر الدعائي، بحيث أنها أخرجتها تماما من صنف الإعلام الذي يتمتع بأقل قدر ممكن من المهنية، ووضعتها في الزاوية التي تليق بها كذراع إعلامي منخرط في فيلق حروب الجيل الرابع ضد الجزائر، والمشكل من صفحات مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع إلكترونية وقنوات وصحف تعود ملكيتها لجهات معروفة بعدائها لكل ما هو جزائري.
لم تختلف القناة في بهتانها بشأن طريقة إخماد المصالح الجزائرية المختصة لحرائق الغابات، عن صفحات مأجورة تبث التضليل ليلا نهارا، بشأن الوسائل والمعدات التي تملكها الجزائر لوحدها في شمال إفريقيا.
لقد تمكن الجيش الوطني الشعبي والحماية المدنية ومصالح الغابات من إطفاء 97 حريقا في 17 ولاية، في ظرف 48 ساعة، باستخدام وسائل جد متطورة، منها 12 طائرة من مختلف الأحجام. بينما عجزت دول حصلت على دعم بـ6 طائرات من الاتحاد الأوروبي، في السيطرة على بؤر الحرائق إلى غاية كتابة هذه السطور، لكن فرانس 24 وباقي ترسانة حروب الجيل الرابع، يغمضون أعينهم عن هذه الحقائق.
والحقيقة، أن حرائق الغابات ليست إلا نقطة جديدة من سلسلة النقاط الساخنة التي تستثمر فيها هذه الترسانة الدعائية، بأوامر واضحة من الجهات التي يزعجها التراجع المستمر للنفوذ الفرنسي التقليدي في مناطق مختلفة من إفريقيا، والمستعدة للتحالف حتى مع منظمة إرهابية من أجل تحقيق أغراض نيو-كولونيالية.
ومن الواضح، أن هذه المنابر تشتغل بمقاربة تأجيج الرأي العام وزرع الشوك في البساتين، مهما كانت جميلة، وذلك في إطار الغاية التي أنشئت من أجلها، والمتمثلة في قيادة استراتيجيات القوة الناعمة، بغرض الإبقاء على السيطرة والهيمنة.
من هذا المنطلق، ظلت تقدم نفسها في دائرة الإعلام، بينما هي راسخة في كهوف التضليل، ولا تستثمر إلا في قضايا البؤس التي لم تعد تؤتي ثمراتها.
إن مجرد اقتناء طائرة إطفاء واحدة بسعة 12 ألف لتر، من قبل الجزائر، مزعج جدا لهذه المنابر، في وقت تصطف دول متقدمة أمام شركة كاندير للحصول على صفقة طائرة واحدة. أما تحقيق النجاحات الدبلوماسية وإعلاء صورة البلاد في الخارج، مثلما كانت الحال مع زيارة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون إلى قطر ثم الصين فتركيا، فهو أمر لا يحتمل بالنسبة للوبيات الاستعمار الجديد ورعاة الحركات التخريبية.
لقد كانت برقية وكالة الأنباء الجزائرية، تأكيدا أخيرا ونهائيا لرعاة فرانس24 وغيرها، بأن سياسة الابتزاز الإعلامي، تجاوزها الزمن ولا تزيد إلا المتاعب لأصحابها بل وتلحق أضرارا جسيمة بمصالحها وبلدانها.