وصفت أستاذة العلوم السياسية نبيلة بن يحيى، الاستثمار الإعلامي للقنوات الفرنسية في مختلف الأزمات التي تمر بها الجزائر، بما فيها الحرائق الأخيرة، بـ”التعليقات غير السوية وغير الجديدة”، مشيرة إلى أنها معروفة الأهداف والمرامي، فهي تريد استغلالها من أجل تسويق سياسي لعدم الاستقرار وزرع الفوضى بالجزائر.
لوبيات فرنسية ما زالت تتخبط في ضلال الكولونيالية
أوضحت بن يحيى في تصريح لـ “الشعب”، أن هذا التداول الإعلامي الفرنسي أصبح مكشوفا وباتت خططه عقيمة، ولم تعد نافعة في الوقت الراهن، بل هي غير صالحة للقرن 21؛ ذلك لأن الشعب الجزائري أصبح واعيا بما يحدث من تغيرات على المستويات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وبدلا من أن يتوجه التحليل الفرنسي نحو معالجة المآسي التي يعيشها الداخل الفرنسي، نراه يسعى إلى تسويق أفكار سوداء بخصوص الجزائر، بقصد تحريف الواقع والنيل من الرأي العام الجزائري.
وأرجعت بن يحيي تكالب اللوبي الإعلامي الفرنسي، إلى كون فرنسا اليوم، لاتزال رهينة نظامها السياسي وتفكير لوبياته التي تحلم بهيمنة الفكر الكولونيالي، وهذا الأمر تجاوزه الزمن وأصبح باليا لا يصلح لبناء العلاقات الدولية، في ظل المتغيرات الدولية الراهنة المتسارعة، بدليل انعقاد المنتدى الروسي- الإفريقي الذي يؤكد أن كثيرا من الأطراف الدولية تريد أن تكون حاضرة في صنع القرار السياسي الدولي، ورافضة لكل المؤسسات الغربية الأمنية والاقتصادية التي تستغل معاناة المجتمعات الإفريقية الرافضة للوجود الفرنسي على أراضيها.
وأشارت المتحدثة، إلى أن التداول الإعلامي لحرائق الجزائر، وفي مناطق معينة، أصبح مفضوحا، كونها ظاهرة عالمية ولم تستثن أي بلد، سواء في أوروبا أو آسيا وحتى أمريكا، فالحرائق لا تخص الجزائر وحدها، لكن يبدو أن الإعلام الفرنسي تعوّد على التهجم على الجزائر التي تعيش حركية دبلوماسية مكثفة، وتعبر عن مواقف سياسية عادلة وواضحة للجميع، وثابتة تجاه العديد من القضايا.
واستغربت بن يحيى عدم تسليط الإعلام الفرنسي الضوء على حرائق البلدان الأخرى، فالأجدى أن تسلّط الضوء على الدول القريبة منها، فما بال التغيرات المناخية تقرأ بضبابية عندما يتعلق الأمر بالجزائر، فالأمر مفضوح اليوم وهدفه تحقيق إرباك سياسي، ما يؤكد -بحسبها- أن النظام السياسي الفرنسي يعاني من سوء التقدير، ولا ينتبه للأزمة السياسية داخل فرنسا.
في المقابل، أكدت أستاذة العلوم السياسية أن الجزائر اليوم تريد التنويع من شركائها ومع الجميع وفي كل الميادين، بحيث لم تعد فرنسا الشريك الذي انفرد، في وقت سابق، بكثير من المشاريع وبكثير من التدخلات سياسيا واقتصاديا.
من جهة أخرى، أوضحت بن يحيى أن الجزائر دولة وشعبا، لا تنساق وراء التعليقات التي لا ترقى إلى مستوى القيم الإنسانية، بحيث يمكن لنا، نحن كذلك، كنخب وكشعب وإعلام، أن نعبّر عما يجري بالداخل الفرنسي، ونتحدث عن عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والسياسي وعلاقاتها غير المضبوطة مع جيرانها في العمق الأوروبي وحتى في الواجهة الدولية.
لكن الجزائر معروفة بحكمتها وحنكتها، وتتعامل في إطار البروتوكولات المعروفة بالشرعية الدولية.
إفريقيا نفضت فرنسا..
في السياق ذاته، أكدت المتحدثة أن ما يزعج فرنسا اليوم، هو وجود منظومة اقتصادية تتحول من الغرب نحو الشرق. كما أن إفريقيا تعيد وتدير بوصلتها نحو شركاء يقدرون طموحاتها وثرواتها، وإمكاناتها الاقتصادية. وما تريده من شركائها الجدد الاستثمار لتطوير القارة السمراء، بعيدا عن الاستغلال البشع لمشاكلها الداخلية؛ ولهذا فالكثير من الدول الإفريقية تستنكر الوجود الفرنسي، وتتخلص منه بشتى الطرق.
وبحسب بن يحيى، فإن بروز مجموعات اقتصادية مهمة، ودول صاعدة، أربك المنظومة العالمية، وبالتالي فالجزائر واعية بما يحدث في الداخل الفرنسي إعلاميا اقتصاديا وسياسيا وتسير بثبات وبرزنامة سياسية واضحة المعالم، وتؤكد على تنويع الشركاء وتستنكر وترفض أي تدخل في شؤونها الداخلية.
وترى الأستاذة أن المطلوب من الإعلام الوطني، بكل وسائله وقنواته ونخبه، التصدي لهذه الأبواق الإعلامية الفرنسية ولهذه القراءات السلبية بالتحليلات الموضوعية التي تفضح الشأن الداخلي الفرنسي، وكشف ما يجب كشفه. فالعلاقات الدبلوماسية تقام على بروتوكولات واضحة، وغير ذلك يمثل تعديا صارخا على سيادة الدول، فعلى الإعلام الجزائري أن يكون يقظا تجاه كل هذه المحاولات التضليلية، وقطع كل السبل أمام الفرنسيين الذين يدسون أنوفهم في الشأن الداخل الجزائري، خاصة وأن بلدنا معروف باحتكامه لمبادئ الشرعية الدولية وبدبلوماسيته المعروفة بحكمتها وحنكتها ما جعلها دائما محل احترام الجميع.