في خطوة حاقدة ومحاولة جديدة فاشلة، استغلت قناة “فرانس 24” الأوضاع الصعبة التي عاشتها الجزائر، الأسبوع الماضي، والمتمثلة في اندلاع حرائق الغابات بـ17 ولاية، للتأثير على الداخل الجزائري، بمواضيع بعيدة عن الموضوعية والاحترافية الإعلامية. ونظير ذلك نشرت وكالة الأنباء الجزائرية، برقية ردت فيها بلهجة قويمة على سياسة العداء الإعلامي الفرنسي الممنهج ضد الجزائر، واصفةً فيها “فرانس 24” بكل وضوح، أنها قناة “حثالة”.
يؤكد أستاذ الفلسفة السياسية بجامعة الجلفة، الدكتور عبد الرحمن بن شريط، في حديث لـ “الشعب”، أن البرقية التي نشرتها وكالة الأنباء الجزائرية، أرادتها أن تكون واضحة بدون أي لبس أو تأويل، ولذلك جاءت عباراتها ومصطلحاتها حادة ومحددة، وهو ما يدل على أن الوكالة تفاعلت بشكل سريع مع التصعيد الذي تقوم به قناة فرانس 24 التابعة للمجمع العمومي الذي يشرف على وسائل الإعلام السمعية البصرية الخارجية لفرنسا، التي يكفيها أنها تحمي وتدافع وتحتضن على أرضها عصابة “الماك” الإرهابية التي تريد أن تصطاد في المياه العكرة، خاصة مع موجة الحرائق التي مست مختلف ولايات الوطن، على غرار العديد من بلدان حوض البحر الأبيض المتوسط، مثل إيطاليا وكورسيكا واليونان وغيرها… ولقد استطاعت الجزائر في ظرف وجيز، لم يتعد 48 ساعة، من إخماد كل بؤر الحرائق التي كان عددها 96 حريقا، بعد تسخيرها لكل الوسائل المادية والبشرية، في حين لا تزال بعض دول المتوسط تكابد إلى حدّ الآن لإخماد نيران حرائق الغابات فيها.
ويضيف الدكتور بن شريط، أن العبارات التي اختارتها وكالة الأنباء الجزائرية، يراد من خلالها إرسال خطاب واضح مفاده، أن فرنسا بأذرعها الإعلامية، تجاوزت كل حدود اللباقة والاحترافية والمهنية، وأصبحت تستعمل التهريج السياسي من أجل محاولة زعزعة الاستقرار في الجزائر، وهذا ما يتنافى مع أخلاقيات المهنة، خاصة في هذه الظروف الصعبة التي تعيشها الجزائر والتي ترتب عنها استشهاد 34 شخصاً، من بينهم 10 من أفراد الجيش الوطني الشعبي، مع تسجيل 325 جريحاً، كل هذا لم تأخذه هذه القناة الحاقدة على الجزائر بعين الاعتبار، بحيث لم يرق مستواها إلى احترام الظرف وأسر وعائلات الضحايا. وعليه، جاءت هذه البرقية بلهجتها، لتنبه الطرف الفرنسي بأن الأساليب التصعيدية المستعملة من جانبها، ستقابل بالمثل وبنفس مستوى الحدة من طرف الجزائر، دفاعاً عن صورتها وحماية لمواطنيها.
ويضيف المتحدث، أنه يجب على فرنسا أن تقرأ البرقية وما حملته من عبارات، قراءة مناسبة، وأن تغير أساليب تعاملها الإعلامي مع الجزائر؛ لأن حرية التعبير التي تتبجح بها، لا تتناسب بتاتاً مع مثل هذه الحملات الحاقدة التي تشنها في هذه الظروف، في مسعى فاشل للتأثير على الداخل الجزائري. يأتي هذا بعد التراجع الكبير للنفوذ الفرنسي في إفريقيا، التي تتجه شيئاً فشيئاً إلى تغيير وجهاتها وشراكاتها، ولعل خير مثال على ذلك، قمة روسيا- إفريقيا، التي جمعت هذه الأيام ممثلي الدول الإفريقية على طاولة واحدة مع الرئيس الروسي والتي سيكون لها انعكاسات على مستقبل فرنسا في القارة الإفريقية بطبيعة الحال، وهو ما يفسر التخبط الفرنسي واستعماله لكل الوسائل غير الأخلاقية، بعد فشله في السيطرة على داخله الملتهب.
«فرانس 24”.. قناة البروباغندا والتضليل الإعلامي
في السياق، يقول الكاتب الصحفي صابر عيواز، إن برقية وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية، تعبّر عن الامتعاض الشديد، نتيجة الممارسات والتضليل الإعلامي الذي تمارسه بعض المنابر الإعلامية الفرنسية وفي مقدّمتها “فرانس 24”، التي مافتئت تقوم بخرجات غير مسؤولة وغير مدروسة، أدت في كثير من الأحيان إلى حدوث موجة سخط واستنكار من قبل السلطات الجزائرية التي اتضح لها في الأخير أن هذه القناة الفرنسية تعمل وفق أجندات وتحركات يقف ورائها أفراد يكنّون العداء والكره للجزائر دولة وشعبا، وما خرجتها الأخيرة، سوى نموذج واحد من عديد الخرجات والسقطات الإعلامية التي تستهدف وتمس وحدة وتكاتف الشعب الجزائري الذي أصبح يزعج أطرافا لا تريد الخير للجزائر، تسعى لإثارة الفتن وإثارة وتأجيج النعرات وتغليط الرأي العام.
ويردف صابر عيواز، بأن الجزائر تعرف جيّدا، وتفرّق بدقة بين أصدقائها وأعدائها، ودرجة الوعي قد بلغت مستوى يسمح لجميع فئات الشعب الجزائري بالتفطّن للمؤامرات والدسائس التي تحاك في الغرف المظلمة وراء البحار، يقودها أفراد خارجون عن القانون وفارون من العقاب، يخافون من المواجهة المباشرة، ليقوموا بسلك الطرق الملتوية وتبني الممارسات غير الأخلاقية في تكالبهم على الجزائر وشعبها، وعلى رأسهم حركة الماك الإرهابية، التي تتلقى الإيعازات والأوامر من مخابر ودوائر أمنية معادية للجزائر.
ويختم الصحفي صابر عيواز حديثه مع “الشعب”، أن برقية وكالة الأنباء الجزائرية أبرزت وكشفت الستار عن البروباغندا والتضليل الإعلامي الذي تمارسه أبواق الفتنة الفرنسية، وفي مقدّمتها “فرانس24”، التي أصبحت تمارس الكذب والبهتان علناً، وتحاول بشتى الطرق توجيه الرأي العام نحو بؤر التفرقة والشتات، عن طريق زرع المعلومات المغرضة والدعاية ودعم الأقلام المستأجرة، بمواضيع كلها تخلو من سطر واحد من الموضوعيّة أو مصدر للمعلومات، في محاولات بائسة وفاشلة للتأثير في الرأي العام، خاصة بعد تراجع دورها في الساحة الإعلامية لدول شمال وساحل إفريقيا، وغلق الكثير من الدول لمكاتب القناة وسحب الاعتمادات من طواقمها الصحفية.