الخبر الإلكتروني – بطبيعته – يقتضي السّرعة، ويفرض تقديم أكبر قدر من المعلومات، في أقل عدد من الكلمات؛ ذلك لأن «صائد الأخبار» على «النت» لا يجد الوقت الكافي لـ(الاستمتاع) بـ(البلاغة)، ولا إلى تفكيك المعاني، واستيعاب (الإشارات والتنبيهات).. ما يعني أن الكاتب الإلكتروني مضطرٌّ للانصياع إلى بيئة الكتابة، والرهان على ما قلّ ودلّ..
وليس من المجاملة في شيء، إذا قلنا إن كتابنا الإلكترونيين، أحكموا (الصنعة)، وأتقنوا أساليب التعامل مع البيئة الجديدة للأخبار، غير أن الأمر يحتاج إلى بعض النظر حين يمتد إلى باقي الأنواع الصّحفية (مجازا)، إذ ليس يُعقل أن نضع تحت إيقونة «دراسة»، ما يدّعي أنّه يحيط بـ(كواليس السّياسة الدولية)، في نصّ لا يتجاوز مائتي كلمة، تماما مثلما لا يُعقل إجراء «حوار» يوصف بأنه (استراتيجيك)، في مائة وخمسين كلمة؛ لأن معيار «السّرعة» لا يشتغل على هذا المستوى، فالقارئ الذي ينقر إيقونة «الدراسة» أو إيقونة «الحوار»، يعرف جيّدا ما يقصد إليه، وينبغي أن تكون المادة في مستوى طموحه..
نعتقد أن بعض المشتغلين بـ(الإلكترونيك)، وقعوا في فخّ (القراءة الهزيلة)، فراحوا يبذلون ما وسعهم كي يكونوا مقنعين، غير أن مسألة «الإقناع» – في اعتقادنا – متعلقة بمستويات أخرى تتجاوز عدد الكلمات المرخص، إلى طبيعة الرّبط بين الكلمات، وسلاستها، وقوّة أدائها، وقدرتها على تجنّب الأخطاء (المرعبة)، وقد يكون حسن الحظ أن الإلكتروني يتيح التصحيح والتقويم دون خسارة تذكر..
على كل حال، السّباقون إلى «الخبر الإلكتروني» في العالم، مازالوا يحتفظون للنصوص بطبائعها الأجناسية، وإن أغدقوا عليها بإضافات تثري النصوص، وتوسع المعلومات، وتدعم القراءة..