تحيي، الجزائر، اليوم الوطني للجيش الوطني الشعبي، للعام الثاني على التوالي، بعد إقراره من قبل رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة وزير الدفاع الوطني، السيد عبد المجيد تبون، للاحتفاء بمكانة ودور الجيش الحيوي في حماية أمن وسلامة البلاد وامتلاك مقومات التطور الاقتصادي والتقني الذي تتطلّع إليه الأمة.
ويصادف اليوم الوطني للجيش الوطني الشعبي 04 أوت من كل سنة، تخليدا لتاريخ تحويل جيش التحرير الوطني إلى الجيش الوطني الشعبي، بعد استرجاع السيادة الوطنية. وأراد رئيس الجمهورية بهذا اليوم، تسجيل وقفة عرفان وتخليد لتضحيات “حصن الأمة” في مختلف المراحل التي مرّت بها البلاد منذ 1962.
وفاء وولاء.. قدرات قتالية عالية وجاهزية يغذيها الإيمان بالوطن جيشنا طليعة التطور الصناعي للبلاد وفخر العباد
الجيش الوطني الشعبي الذي يحمل في جيناته قيم الثورة ورصيدها المجيد، يجسّد نموذجا عالميا فريدا في تكريس الارتباط الشعبي، من خلال رابطة “جيش-أمة”، مثلما أكد رئيس الجمهورية، في أحد تصريحاته، مفيدا بأنه “مشكل من أبناء الشعب الجزائري، وليس جيش مرتزقة ولا لفيف أجنبي”.
هذه العلاقة التي يشار لها دائما بشعار “شعب -جيش ..خاوة خاوة”، جعلت من قرار الرئيس تبون، ترسيم يومي وطني للجيش، وفي هذا التاريخ بالغ الرمزية، قرارا وطنيا صائبا، يعزّز ثقافة العرفان ويبرز مكانة الجيش الوطني الشعبي في نفوس الجزائريين.
وسيتم الاحتفاء بهذا اليوم، للمرة الثانية بعد احتفالية العام الماضي، والتي خصّصت لتكريم كبار الضباط، والضباط وضباط الصف ورجال الصف وعائلاتهم ممن قدموا تضحيات جسام في مكافحة الإرهاب وإنقاذ الدولة من الانهيار في تسعينيات القرن الماضي.
لقد كانت الرسالة واضحة للغاية، وهي أن جيش التحرير الوطني، هزم الاستعمار الفرنسي وقدم تضحيات جسيمة من أجل استقلال الجزائر، ليقدم الجيش الوطني الشعبي تضحيات جمّة وهزم الإرهاب وكسر شوكته بروحه القتالية العالية، دون مساعدة أو دعم أية جهة خارجية، مقدما أسمى نموذج في حفظ الوديعة وصون أمانة الشهداء.
الاحتفالية التي ستقام غدا الجمعة، تأتي في سياقات أخرى وتحديات جديدة، أثبت الجيش الوطني الشعبي، جاهزيته الفائقة وبشكل استباقي وبعد عمل استشرافي نوعي، فبعدما طهّر ربوع الوطن من دنس الإرهاب، يتولى اليوم تأمين الحدود الوطنية الشاسعة وحماية الأمن القومي في ظلّ محيط إقليمي يعج بالتهديدات والمخاطر.
من جيش التحرير الوطني إلى الجيش الوطني الشعبي.. تاريخ مقدّس وتضحيات جسام
وأثبت الجيش الوطني الشعبي، اكتسابه للقدرات القتالية العالية، سواء في الجانب العملياتي القتالي، أو من خلال التحكّم في الوسائل والمعدات التكنولوجيا الحديثة، وتجلى ذلك من خلال التمارين التكتيكية والبيانية والمناورات التي تجرى دوريات وفق برنامج التحضير القتالي السنوي بكل النواحي ومخلف الأسلحة وعن طريق استخدام الذخيرة الحية.
وأشاد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، بمستوى الجاهزية أثناء إشرافه على التمرين التكتيكي فجر 2023 بالناحية العسكرية الأولى نهاية جوان الماضي، مشيرا إلى أن الجيش الوطني من الجيوش القليلة في القارة التي “تجري تمارين مماثلة بالذخيرة الحية”.
وبذات المناسبة، أدلى الرئيس تبون بخطاب مرجعي، عبّر فيه بوضوح عن تمسّك الجزائر بعقيدتها الدفاعية مع السّعي الدّؤوب لاكتساب قوام المعركة من المعدات العصرية والتكنولوجية، والالتزام بحماية وتأمين الحدود الوطنية للبلاد في ظل الاضطرابات والمخططات التي تستهدف أمنها واستقرارها.
وقال: “إن الجزائر كانت ولا تزال قلعة سلم وأمان، لم يسبق في تاريخها أن كانت مصدر تهديد أو اعتداء، منطلقها في ذلك مبادئ حسن الجوار، والسعي إلى الأمن المشترك الذي ينبع من صميم تاريخنا السياسي والعسكري، غير أنه لا يخفى في عالم اليوم أن اكتساب موجبات القوة والتحكم في عناصرها يعد من أولوياتنا لحماية سيادتنا الوطنية، أمام محاولات زرع الاضطرابات الأمنية في جوارنا، التي تتغذى من أجندات خارجية متضاربة، تسعى للاستحواذ على الموارد خاصة الطاقوية منها، على حساب أمن الشعوب في منطقتنا”.
وأضاف بأن هذا الأمر “يدعو الجيش الوطني الشعبي إلى الحرص على مواكبة التطورات الأمنية والعسكرية، وإلى السهر على الاستغلال الأمثل للإمكانيات المادية والبشرية المسخرة حصريا للتأمين الشامل لحدودنا الوطنية، وحماية المواقع الاستراتيجية، والتصدي للهجرة غير الشرعية، وتهريب المخدرات والأسلحة والذخيرة”.
في المقابل، يقود الجيش الوطني الشعبي، طليعة التطور الصناعي في البلاد، حيث يحقق نتائج باهرة في مختلف الشعب، بشكل مكّنه تحقيق اكتفائه الذاتي وتزويد مختلف المؤسسات الوطنية، خاصة في مجال صناعة المركبات.
إلى جانب ذلك أظهر تحكما كبيرا في مختلف أنواع الأسلحة الفتاكة ذات التكنولوجيات عالية الدقة، لمختلف القوات البحرية والبرية والجوية والدفاع الجوي، ولا يزال الاستعراض العسكري الذي أقيم العام الماضي، بمناسبة ستينية الاستقلال شاهدا على مدى التطور الذي بلغه الجيش الوطني الشعبي.