تشهد السياحة الداخلية انتعاشا كبيرا هذه الصائفة بالنظر إلى التوافد القياسي للسياح على مختلف المدن والولايات الواقعة على الشريط الساحلي على غرار جيجل وسكيكدة وبجاية وعنابة ووهران ومستغانم وتلمسان وعين تموشنت بالرغم من غلاء الأسعار التي تفرضها كثير من الهياكل السياحية بالجزائر خلال هذا الموسم، إلا أنها لم تشكّل عائقا أمام العائلات الجزائرية التي اختارت قضاء العطلة الصيفية داخل الوطن بدل الإقبال على الوجهة الخارجية التي كانت في السنوات السابقة المقصد المفضل لدى الجزائريين.
في هذا الصدد، أوضح رئيس الاتحاد الوطني لوكالات السياحة والأسفار مولود يوبي لـ«الشعب”، أن الوجهة الداخلية تعرف حركية غير مسبوقة على مستوى 14 ولاية ساحلية، والدليل على ذلك تسجيل إقبال كبير للمصطافين على مختلف المدن السياحية عبر الوطن، مشيرا إلى زيادة الطلب على السياحة الداخلية مقارنة بالوجهة الخارجية بسبب التكاليف المرتفعة في أسعار الرحلات والفنادق في بلدان سياحية بامتياز كانت في وقت سابق تمثل الوجهة الرئيسية بالنسبة للسياح الجزائريين على غرار تونس وتركيا ومصر.
وأضاف يوبي أن كثيرا من العائلات الجزائرية باتت تفضل اللجوء إلى كراء الشقق والمنازل لقضاء عطلة الصيف في مدن ساحلية تجذب بسحرها المصطافين، وذلك بأسعار معقولة عوض التوجّه إلى الفنادق والمنتجعات السياحية التي تعرف أسعارها إرتفاعا كبيرا ، مؤكدا أن ثمن بعض الفنادق في المدن الساحلية يصل إلى 45 ألف دج للشخص والليلة الواحدة، وتختلف الأسعار حسب الخدمات المقدمة ونوعية الفندق وموقعه إلا أنها تشهد على العموم ارتفاعا كبيرا هذه الصائفة مقارنة بالأسعار المعروضة في السنوات الفارطة.
وقال، إنه بالرغم من المجهودات المبذولة من قبل السلطات العمومية من أجل النهوض بالسياحة الداخلية، تبقى قلة المرافق والهياكل السياحية تشكّل الأزمة الأكبر التي يتخبّط فيها القطاع، مشيرا إلى أن أكثر من 50 بالمئة من الفنادق الجزائرية مصنفة، منها 1500 فندق بقدرة استيعابية تصل إلى 140 ألف سرير و1000 فندق في طور الإنجاز، موضحا أن هذا العدد غير كاف لاستقبال السياح الجزائريين والأجانب، والأمر يتطلّب المزيد من الاستثمارات في المنشآت السياحية وضمان استغلال أمثل للمؤهلات والثروات الطبيعية التي تزخر بها البلاد، قائلا إن بعض المناطق الساحلية على غرار ولاية الطارف يمكن تحويلها إلى قطب سياحي بامتياز، يستقطب أكبر عدد من السياح بالنظر إلى المناظر الطبيعية الخلابة التي تتوفر عليها.
وبخصوص الوجهات الداخلية الأكثر طلبا على الوكالات السياحية في هذه الفترة، أكد رئيس الإتحاد الوطني لوكالات السياحة والأسفار أن أغلب المدن الساحلية عبر الوطن تلقى رواجا كبيرا من قبل المصطافين الذين فضلوا اكتشاف الوجهة الداخلية وقضاء عطلتهم الصيفية بالجزائر، مبرزا أن الطلب أكبر على منطقة الغرب الجزائري بالنظر إلى العديد من العوامل التي تميزها من وفرة الفنادق بمختلف التصنيفات، وجودة الخدمات على وهران وتلمسان ومستغانم وعين تموشنت لتأتي بعدها الولايات الشرقية في مقدمتها ولاية جيجل وكذا بجاية وسكيكدة وعنابة والطارف، بالإضافة إلى الإقبال على شواطئ الجزائر العاصمة وكذا ولاية تيبازة التي تستقطب عددا كبير من السياح خلال هذا الموسم.
وعن السبل الكفيلة بالنهوض بالسياحة الداخلية، يرى رئيس الإتحاد الوطني لوكالات السياحة والأسفار، أن بعث النشاط السياحي المحلي مرهون بإنشاء المزيد من الهياكل السياحية، تكون في مستوى التطلعات وتلبي الطلب المتزايد من قبل السياح مع توفير خدمات ذات نوعية مضيفا أن الارتقاء بقطاع السياحة يتحقق بتوفير بيئة مشجّعة للاستثمار السياحي ووضع خطة عمل واضحة تعتمد على التنسيق وإشراك جميع الفاعلين في مجال السياحة من وكالات سياحة وفنادق دون إقصاء وتهميش، خاصة وأن تنشيط الوجهة الداخلية يتطلّب جهدا جماعيا وتضافر الجهود.