أعلنت القوى السياسية المدنية في السودان، الموقعة على “الاتفاق الإطاري”، التوافق على “بناء جبهة مدنية واسعة ورؤية سياسية لإنهاء الحروب وتأسيس و بناء الدولة السودانية الجديدة”.
في بيانها الختامي للاجتماع الذي عقد في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا يومي الاثنين و الثلاثاء الماضيين، تم “الاتفاق على بناء جيش واحد قوي يعكس تنوع السودان ويخضع للسلطة المدنية والتأسيس لنظام حكم مدني ديمقراطي حقيقي على جميع المستويات”.
وتضمنت الرؤية تأكيدا على أن يكون “نظام الحكم فيدراليا يقوم على الاعتراف بالحق الأصيل لأقاليم السودان في إدارة شؤونها، وخطة لتبني نظام اقتصادي مختلط”، بالإضافة إلى “تفكيك نظام الرئيس السابق عمر البشير، ويشمل ذلك إنهاء
هيمنة فلول النظام السابق وإعادة تأسيس وبناء مؤسسات الدولة على أساس صحيح، يجعلها معبرة عن تعدد وتنوع السودان، وتلتزم بالمهنية والكفاءة وأسس الحكم الراشد”.
وشددت القوى المدنية السودانية، على ضرورة أن “تنتهي هذه الحرب عبر حل سياسي سلمي يؤدي لاتفاق وطني على مشروع سوداني نهضوي جديد قائم على المواطنة المتساوية والديمقراطية والسلام والتنمية المستدامين والعدالة الاجتماعية والانتقالية والمحاسبة والشفافية، وتوازن المصالح بين المركز والأقاليم”.
وطالبت بضرورة “حماية المدنيين وإيصال المساعدات الإنسانية لجميع المتضررين، ووقف جميع أنواع الانتهاكات فورا، وإجراء تحقيق مستقل حولها”، مؤكدة استمرار تواصلها، مع حكومات دول الإقليم ومخاطبتها بشأن المزيد من الدعم والمساعدة لتخفيف معاناة السودانيين الفارين من الحرب.
وأدانت “الجرائم الجسيمة والانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان، وجرائم القتل والقصف الجوي للمدنيين والاعتقالات التعسفية”، داعية “لبناء شبكة وطنية لإيصال المساعدات الإنسانية، وحض الأسرة الدولية لدعم وإسناد المجتمع المدني السوداني العامل في المجال الإنساني.
وكان نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، مالك عقار، قال إنه أجرى مناقشات حول خارطة الطريق في السودان مع قوى سياسية ومجموعات مدنية سودانية لوقف الحرب خلال الفترة المقبلة.
وقال عقار خلال كلمة بثها التلفزيون السوداني، الثلاثاء: “خلال لقاءاتي مع القوى السياسية والمجموعات المدنية السودانية والمواطنين في الخارج استعرضت وناقشت تفاصيل خارطة الطريق التي ستعمل حكومة السودان خلال الفترة المقبلة على تنفيذها لإيقاف الحرب”. وأضاف: “تبدأ خارطة الطريق بالتوصل إلى وقف إطلاق نار بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع المتمردة”، مؤكدا أنه “سيعقب ذلك بداية العمليات الإنسانية وإيصال المساعدات الإنسانية للمواطنين في المناطق المتضررة من الحرب”.
الجيش يستعيد السيطرة على مناطق في ولاية النيل الأزرق
وأعلن الجيش السوداني، مساء الثلاثاء، تحرير كامل المناطق التي سيطرت عليها قوات “الحركة الشعبية – شمال” برئاسة عبد العزيز الحلو، في ولاية النيل الأزرق، جنوب شرقي البلاد.
وقال الناطق الرسمي باسم الجيش السوداني العميد نبيل عبد الله، في تسجيل صوتي نشر على صفحته عبر “فيسبوك”، إن “متمردي الحركة الشعبية بقيادة جوزيف توكا (النائب الأول لرئيس الحركة الشعبية) ظنوا خلال الفترة الماضية، أن انشغال الجيش بمحاربة المتمردين (الدعم السريع) في الخرطوم ودارفور، سيجعلهم يهاجمون ويسيطرون على عدة مناطق بولاية النيل الأزرق”.
وأضاف: “اليوم حررت قواتنا كل المناطق التي وصلت إليها قوات جوزيف توكا”، مشيرا إلى أن هذه المناطق تم تأمينها بشكل كامل، بفضل جهود قوات الجيش في النيل الأزرق.
وفي 26 جويلية الماضي، قال مسؤول حكومي سوداني، أن الجيش يتصدى لهجوم من الحركة الشعبية- شمال على ولاية النيل الأزرق.
وخلال الأعوام الأربعة الأخيرة، مددت حكومة الخرطوم والحركة الشعبية- شمال، اتفاق وقف إطلاق النار بينهما في المناطق الخاضعة لسيطرة كل منهما.
وينشط قتال الحركة الشعبية في منطقتي كردفان (جنوب)، والنيل الأزرق (جنوب شرق)، منذ العام 2011 من أجل الحصول على وضع خاص للمنطقتين.
ومنذ منتصف شهر أبريل الماضي يخوض الجيش وقوات “الدعم السريع” اشتباكات لم تفلح سلسلة هدنات في إيقافها، ما خلف أكثر من 3 آلاف قتيل، أغلبهم مدنيون، ونحو 4 ملايين نازح ولاجئ داخل البلاد وخارجها، بحسب الأمم المتحدة.
وتتواصل، منذ 15 أبريل الماضي، اشتباكات عنيفة وواسعة النطاق بين قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في مناطق متفرقة من السودان، تتركز معظمها في العاصمة الخرطوم، مخلفة المئات من القتلى والجرحى بين المدنيين.
وظهرت الخلافات بين رئيس مجلس السيادة السوداني وقائد القوات المسلحة السودانية، عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي”، للعلن، بعد توقيع “الاتفاق الإطاري” المؤسس للفترة الانتقالية بين المكون العسكري والمكون المدني، الذي أقر بخروج الجيش من السياسة وتسليم السلطة للمدنيين.
واتهم دقلو الجيش السوداني بالتخطيط للبقاء في الحكم، وعدم تسليم السلطة للمدنيين، بعد مطالبات الجيش بدمج قوات الدعم السريع تحت لواء القوات المسلحة، بينما اعتبر الجيش تحركات قوات الدعم السريع، تمردا ضد الدولة.
وتوسطت أطراف عربية وإفريقية ودولية لوقف إطلاق النار، إلا أن هذه الوساطات لم تنجح في التوصل لوقف دائم للقتال، ما خلف أكثر من 3 آلاف قتيل، أغلبهم مدنيون، ونحو 4 ملايين نازح ولاجئ داخل البلاد وخارجها، بحسب الأمم المتحدة.