لدى كثيرين ردود أفعال خاطئة، بعد وقوع حوادث منزلية، مثل تناول سوائل للمصاب، ليتقيأ بغرض إسعافه ما قد يضع حياته في خطر الموت.
لهذا السبب نتوقف اليوم مع طبيب الاستعجالات الدكتور فتحي بلام أمام ضرورة التوعية بخطورة أي تدخل استعجالي لا يكون في محله خاصة في حالة تناول الأشخاص مواد كاشطة مثل مواد التنظيف، من بينها ماء جافيل أو حمض كلور أو بوتاس أو غيره من المواد الخطيرة، مما قد ينتج عنه تعقيدات صحية يستعصى علاجها للأسف الشديد مدى الحياة.
الشعب: في حالة تناول شخص لمواد كاشطة مثل مواد التنظيف، ما هو التصرّف السليم؟
الدكتور فتحي بلام: في حالة وقوع مثل هذه الحوادث لاسيما عند الكبار أو الصغار يجب معرفة أنه لو شرب أحدهم ماء جافيل أو كحول أو حمض الكلور أو بوتاس أو صودا كاوية أو أي منظف في البيت.. أوّل شيء يجب فعله بسرعة قبل الذهاب لأقرب مركز علاج عدم جعل المصاب يتقيأ رغما عنه .. يعني ممنوع إعطاؤه للشرب سواء ماء أو زيت أو الضغط على لسانه ليتقيأ، كل هذا ممنوع منعا باتا كما أنه في حالة إسعافه لا يجب القيام بغسيل المعدة…
للأسف.. كثيرون يلجأون لمثل هذه التصرفات، فيم تتمثل خطورة ذلك؟
لأنه إذا قمنا بهذا فإننا نعرّض المرئ والبلعوم والفم للمادة السامة مرّة ثانية يعني أننا سنضره أكثر، وأيضا فيه احتمال أن تصل المادة السامة إلى المجاري الهوائية فتسبب بعد ذلك إلتهابا رئويا شديدا قد يؤدي حياة المصاب نهائيا. لذلك يسمح بشرب فنجان حليب وفقط (بدون ماء)، لأن الماء لا تنفع هنا بل قد يضر لأن المواد السامة المبتلعة قد تكون حمض “acide” أو قاعدة “alkaline” ألكالين.. والخطورة تتمثل في أنه من الممكن أن ينتج تفاعل مع المياه داخل المعدة وينتج عن هذا التفاعل حرارة عالية تزيد الطين بلة.. وتدمر أنسجة المعدة أكثر وأكثر وللعلم أن هذه الكمية الصغيرة من الحليب ستخفف قليلا من تركيز المادة التي ابتلعها .. وكذلك لو يوجد شيء واقف في الفم أو البلعوم أو المرئ سيتحرك نحو المعدة والهدف من اعتماد كمية قليلة من الحليب وليست نصف لتر مثلا لكي لا يحدث قيء .. ونحن قلنا قبل هذا أن إحداث قيء في مثل هذه الحالات خطير جدا.. ولا ينفع أن نعادل المادة التي شربها الطفل يعني لو هو شارب حمض نعادله بمادة قاعدية أو العكس لكي نقلل من مفعولها لا ولا ولا، حذار!! لأنه في هذه الحالة سينتج تفاعل كيميائي ويسبب حرارة عالية تدمر الأنسجة تماما …
كيف يكون التدّخل الصحيح في مثل هذه الحالات؟
في مثل هذه الحالات يجب نقل الطفل مباشرة إلى الهواء الطلق النقي لمساعدته على التنفس جيدا، ولو وقعت المادة السامة على لباس المصاب يجب نزعه ويتم غسل جسمه جيّدا.. وإذا وقعت على عين المصاب تغسل عيناه جيدا بالماء لمدة ربع ساعة، ونقوم بنقل المصاب بسرعة إلى أقرب مستشفى لاتخاذ الإجراءات الطبية اللازمة للطفل بحسب حالته وبحسب درجة المادة السامة الموجودة في المحلول وأيضا بحسب الكمية التي شربها وبحسب المدة التي تأخر فيها قبل بدء العلاج وطبعا لابد لمرافق الطفل أن يأخذ معه زجاجة أو قارورة المادة التي شرب منها الطفل للتعرف على المادة وتركيزها وكميتها وتحديد كيفية العلاج بسرعة…
ما هي أهم نصيحة تقدّمها في مثل هذه الحوادث الخطيرة؟
في حالة صادفت طفل صغير شرب مادة كيميائية (كاوية بالعربية) مثل جافيل ومواد تنظيف يجب الانتباه والحذر فهناك خطوات يجب القيام بها وهناك أخرى حذار من اللجوء إليها قبل نقل المصاب إلى الاستعجالات: ـ لا تجعل المصاب يتقيأ.. لا تعطه يشرب أي شيء لا زيت ولا ماء.. ـ لا تعطه خبزا ولا غيره.. لا يجب أن يكون المصاب في وضعية الرقود، بل يجب أن يبقى في وضعية الجلوس العادي.. إذا كنت في المنزل، حاول مراقبة طفلك من خلال تسجيل مؤشرات حيوية مثلا إذا كان لديه حروق خارجية و أو إذا كان يرتدي ملابس ممكن تؤدي لحروق أخرى على الجلد.. ـ التزام الهدوء، إذ لا يجب إخافة المريض خاصة الأطفال لأنه ممكن تحدث لهم حالة هلع بسرعة.. من المهم جدًا التعرف على اسم المادة التي شربها المصاب لإخبارهم في الاستعجالات؛ لأن المواد القاعدية تكون أخطر من المواد الحمضية.