تتجه الجزائر الجديدة نحو تعزيز وتنويع شراكاتها الإستراتيجية مع الدول الكبرى والناشئة، في إطار سياسة واضحة تعتمد على الكفاءة والنّدية، تقوم على الربحية المشتركة.
تحرز الجزائر تقدما هاما في مجال توسيع الشراكات الإستراتيجية عبر العالم، لبعث ديناميكية اقتصادية مستقطبة للاستثمارات وتأثير حضور الجزائر القوّي.. وكذلك فيما يتعلق بتحقيق المزيد من المؤشرات الايجابية، وفق آخر تصريح للرئيس عبد المجيد تبون الذي يسعى إلى بناء دولة قوية تتأسس على نهضة اقتصادية واعدة، حيث تسهم مختلف مؤسساتها بفاعلية..
شدّد الخبير الاقتصادي عبد القادر بريش في حديث مع “الشعب”، على أن الجزائر ومنذ تولي الرئيس عبد المجيد تبون الحكم، وهي تنتهج مقاربة جديدة في علاقاتها مع الدول، قائمه على إقامة شراكات استراتيجية متنوعة مع عدة دول قوية، وفاعلة على المستوى الدولي، مبرزا أن هذه الشراكات الإستراتيجية، تم إبرامها مع ايطاليا باعتبارها بلدا صديقا في الاتحاد الأوروبي، وكانت زيارة رئيس الجمهورية إلى روما خير دليل على ذلك، فضلا كذلك عن الشراكة الإستراتيجية المعمقة والاتفاقية التي أبرمت مع روسيا والصين، وقطر ثم مع تركيا، وغيرها من الشراكات.
وأضاف محدثنا أن “الجزائر تتجه اليوم إلى تنويع الشراكات على أساس رابح رابح، وتحاول أن تنوع منها، وفق مبدأ استقلالية القرار والسيادة الوطنية، وتنويع هذه الشراكات بما يحقق الأهداف الكبرى التي نطمح إليها، وهو تحقيق الإقلاع الاقتصادي والنهضة الاقتصادية، وهذا من خلال إبراز المقومات الاقتصاديه التي تتميز بها الجزائر وإمكانية الشراكة والاستثمار مع هذه الدول”.
دولة قوّية تفعل الشراكات
واعتبر بريش أن رؤية رئيس الجمهورية في بناء اقتصاد قوي لا يتحقق إلا بتفعيل مثل هذه الشراكات مع قوى اقتصادية كبرى لها من المقومات والقدرات الاقتصادية والتكنولوجية الكثير، ما يمكننا من الاستفادة من هذه الشراكات، موضحا أن الشراكة مع روسيا متنوعة وفي عدة مجالات، في الطاقة، وفي الطاقات المتجددة، وأيضا في الفلاحة والتكنولوجيا والصناعة الصيدلانية، بينما تتمثل شراكتنا مع الصين في مجال تجسيد المشاريع الكبرى مثلا مشروع إعادة بعث ميناء الحمدانية الاستراتيجي، مشروع الطريق العابر للصحراء، واستغلال المناجم وما يسمى بالأتربة النادرة، والاستخدامات التكنولوجية، فكل هذه الشراكات ستجعل من الجزائر – دون شك – دوله قوية بمواردها البشرية، قوية بتاريخها، قوية بعلاقاتها الراسخة، ودبلوماسيتها المتوازنة، وقوّية أيضا بمثل هذه الشراكات، حيث تتطلع أن تعزّز وتنفذ هذه الاتفاقيات على أرض الواقع في المستقبل القريب.
الجزائر تقود التعاون الإفريقي
وفي السياق، أبرز الخبير أن “الجزائر تبنت استراتيجية الانفتاح على السوق الإفريقية، وهذا من خلال عضويتها الفاعلة في منظومة الوحدة الإفريقية، والاتحاد الإفريقي، ضف إلى ذلك أن الجزائر حاليا عضو فاعل في اتفاقية التجارة الحرة للمنطقة الإفريقية، حيث تحرص على تنويع الشراكة، وقد بدأت فعلا تتجه نحو تأسيس وفتح فروع بنوك في كل من موريتانيا، كوت ديفوار، والسنغال، وفتح خطوط جوية وبحرية، وهذا من أجل تعزيز التبادل التجاري والاستثمارات”، فالجزائر اليوم – يقول بريش – هي بوابة إفريقيا وتقود العمل والتعاون الإفريقي على المستوى الدبلوماسي والاقتصادي، وعضو غير دائم في مجلس الأمن ممثلا للمجموعة الإفريقية، فكل هذه المقومات التي أصبحت تحوز عليها الجزائر وعلى ضوء هذه الظروف المتغيرة والتحولات الجيوسياسية نحو عالم متعدد الأقطاب، يؤهلها بأن تلعب دورا محوريا في محيطها الإقليمي الإفريقي وفي المحيط المتوسطي، وحتى كذلك على مستوى العالم.
مواصلة الإصلاحات الهيكلية الاقتصادية
ولأن ملامح طموح الجزائر لبناء اقتصاد قوي بإرساء ملامح الدولة القوية الفاعلة والمؤثرة في محيطنا، بدأت ترسم من خلال تنويع هذه الشركات وطموحنا للدخول إلى التكتلات الاقتصادية الناشئة، منها مجموعة “بريكس”، وتعمل في كل هذا على تعميق ومواصله الإصلاحات الهيكلية الاقتصادية التي باشرتها السلطات العليا في البلاد من خلال تطهير بيئة الاستثمار وجعلها ذات جاذبية وأكثر تنافسية، من خلال الرفع من وتيرة العمل والأداء والفعالية في الجهاز الحكومي، ومن خلال القضاء على كل مظاهر البيروقراطية، والتوجه نحو عصرنه الاقتصاد الوطني، من خلال تعميم الرقمنة، ومن خلال عصرنة المنظومة المصرفية، والقضاء على الاقتصاد الموازي، يؤكد محدثنا أن “كل هذه الورشات يجب أن نستمر فيها، لأن الجزائر تتطلع إلى تحقيق نهضة اقتصادية، هذا التوجه يعكس التنوع والثراء والموارد الاقتصادية التي تحوزها الجزائر ويعكس قوة الدولة الجزائرية.
وأوضح بريش أن قوة الدولة الجزائرية التي بدأت ملامحها ترتسم، من خلال قوة المؤسسات واستقرارها، وكذلك من خلال قوة الجيش الشعبي الوطني وجاهزيته، واللحمة والوحدة بما هي ميزة المجتمع الجزائري.
الجزائر في مراكز صنع القرار
وفي ردّه عن سؤال متعلق بحضور الجزائر القوي دوليا، مثلما أشار إليه رئيس الجمهورية في رسالته الأخيرة إلى الجزائريين، قال بريش: “لقد أصبحت الجزائر تحظى باحترام الجميع، وحتى على المستوى الدولي من خلال حضورها القوي مثلما أشار رئيس الجمهورية، فالجزائر وهي عضو غير دائم في مجلس الأمن متواجدة في مراكز صنع القرار على المستوى الدولي، هذا الحضور يتجسد كذلك في عقد شراكات مع قوى اقتصادية، في الدول العظمى، مما سيؤهلنا لأن نكون لاعبين في ساحة الكبار، ما يعطي ثقة لشركائنا، حيث يحرص الرئيس على التأسيس لمرحلة جديدة.
وعن الشراكة الإستراتيجية مع روسيا، أكد بريش أنه تم تحيين الاتفاقية المبرمة سابقا مع روسيا، حيث وقّعت الجزائر وروسيا، إعلان الشراكة الإستراتيجية المعمّقة، كما تم إبرام اتفاقيات تعاون شملت مجالات متعددة، خلال زيارة الرئيس تبون إلى موسكو جوان الماضي، حيث جرى التوقيع على اتفاقيات التعاون التي مسّت الطب النووي، الزراعة، البيئة، الري والموارد المائية، العدل، النباتات والثروة الغابية، فالهدف من هذه الشراكة – وفق بريش – هو تحقيق البعد الاستراتيجي في مجالات التعاون في المجال العسكري والمجال الاقتصادي، في المجال التكنولوجي في المجال الاستثمارات البينية، وحتى في المجال المالي.