احتضنت مدرسة الشهيد حموش أحمد الزين “الكوليج” بمنطقة زمورة ندوة عملية فكرية، للعلامة المفكر محمد بن عبد الكريم الزموري الجزائري، من تنظيم جمعية “شامة للتراث والسياحة”، بعنوان “محمد بن عبد الكريم الزموري.. عالما ومفكرا”، تضمنت العديد من المداخلات والمحاضرات القيمة حول إسهاماته ونضالاته الفكرية خلال فترة حياته، بمشاركة العديد من الباحثين والدكاترة الذين قدموا من مختلف الجامعات الجزائرية.
نظّمت جمعية شامة للتراث والسياحة، ببلدية زمورة الواقعة شمال شرق ولاية برج بوعريريج، ندوة علمية وفكرية حول إسهامات ومآثر المفكر الجزائري محمد بن عبد الكريم الزموري، أبرزوا من خلالها غزارة إنتاجه الفكري وسيرته العلمية المجموعة في أزيد من 67 كتاب وعنوان تتناول نضاله العلمي والفكري في فضح المستعمر الفرنسي وفضح سياسة التغريب والتجهيل المنتهجة من طرف إدارة المستعمر الفرنسي في الجزائر، من تقديم دكاترة وباحثين قدموا من مختلف الولايات على غرار جامعة الأمير عبد القادر بقسنطينة، وجامعة المسيلة والجزائر العاصمة..
واعتبر مدير الندوة الدكتور “الطيب سماتي”، أن هذه الندوة التاريخية والفكرية، تأتي للتعريف بأحد أكبر أقطاب الفكر الإصلاحي الحديث بالجزائر، المدونة في أزيد من 67 كتابا ومؤلفا، في مختلف الأصناف والألوان العلمية، على غرار كتاب تفسير القرآن الكريم، الذي يعتبر ثاني تفسير بعد تفسير عبد الحميد بن باديس، وأول تفسير مكتمل بعد 18 عشر تفسيرا في الجزائر، وله أزيد من 20 تحقيقا للرسائل بمختلف اللغات، وكتب أخرى مهمة دونها داخل وخارج الجزائر، دونت خلال مسيرته العلمية في جامع الزيتونة وتركيا، كما كان للعلامة العديد من المواقف الإصلاحية خلال تمثيله لرابطة الدعوة الإسلامية بدولة ليبيا وأوروبا وفرنسا، عبر طرحه للعديد من القضايا الإصلاحية المعاصرة، مثل قضايا المرأة، الربا، الديمقراطية، الفلسفية والتاريخية، معتبرا أن جل كتبه ومصنفاته العلمية تحدثت عن الثقافة الإسلامية، منها ديوان شعري بعنوان “كشف الستار”، وكتابات ونصوص باللغة الفرنسية والانجليزية، “فقد كان أديبا محققا وشاعرا”.
من جهته اعتبر “البروفيسور وأستاذ الفلسفة في جامعة قسنطينة” لخضر مذبوح الذي أسهم في إثراء الندوة بمداخلة علمية بعنوان “الإنتاج الفكري والفلسفي” للدكتور محمد بن عبد الكريم، أن العلامة الزموري، يعدّ ظاهرة في سماء العلم والفكر، بالنظر إلى ظروف نشأته، التي اتسمت بالفقر واليتم والحرمان، يضاف إليها تكوينه العصامي والظروف الصعبة التي رافقت نشأته، إلا أنه سعى إلى أن يكتسب العلم، فقد تتلمذ على يد شيوخ زمورة، ردحا من الزمن، غير أن شغفه إلى المعرفة دفعه إلى أن يسجل نقلة نوعية في حياته وأنه لا يكتفي بحفظ القرآن وتعلّم النحو والصرف عند شيوخ زمورة، بل سافر إلى تونس وهناك درس في مدرسة تخرج منها عظماء في التاريخ، أمثال الدكتور الهادي نويرة زميل العالم والمفكر الجزائري “مالك بن النبي”، فتلقى هناك تكوين الصادقية التي كانت تكون النخبة التونسية في ذلك العصر، فأتقن اللغة الفرنسية، ثم عاد إلى منطقة زمورة أثناء قيام الثورة التحريرية، غير أن الاستعمار البغيض جعله يسافر إلى فرنسا، وهناك في فرنسا كان يحمل الجزائر في قلبه، حيث كتب قصيدة حول الجزائر صادرتها فرنسا ولم يظهر لها أي أثر إلى حد اليوم، وسجن لشهور، وكتب رسالة راقية باللغة الفرنسية إلى وزير الداخلية الفرنسي فأطلق سراحه على إثرها على حد قوله وأضاف البروفيسور، أن العلامة “محمد بن عبد الكريم الزموري” عندما عاد إلى الجزائر بعد الاستقلال، سعى إلى أن ينتمي إلى أسرة التعليم مصلحا وناقدا، ونال فيها شهادة الدراسات المعمقة حول التاريخ وبعدها نال شهادة الدكتور حول المقري في الأدب العربي، لينطلق بعدها في مسار تحقيق النصوص، فحقّق وعرّب العديد من المؤلفات والمخطوطات أبرزها كتاب “المرآة” لحمدان خوجة، وهو الكتاب الوثيقة التاريخية الذي ناقش فيه فضائع الكولونيالية الفرنسية التي وعدت الجزائريين خلال الاحتلال بالمن والسلوى، لكنها صادرت أملاك الجزائريين وعمدت إلى سياسة التفقير والتجهيل على حدّ قوله.
في ذات السياق، اعتبر الرئيس الشرفي لجمعية شامة للثقافة والسياحة: الطاهر بن حسين أن الهدف من هذه الندوة تأتي للتعريف بالمفكر الجزائري من خلال إنتاجه الفكري والفلسفي، عبر إقامة معرض للمفكر في رواق المدرسة تعرض مؤلفاته وأعماله الإصلاحية، وإظهارها للنشء والشباب والأجيال من أجل الاقتباس من حياة العلامة وأن يحذو حذوه، لاسيما وأنه عصامي التكوين.