اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي أمس، أخبار تفيد بأن أسعار (السردين) استعادت «حكمتها الضالة»، وعادت إلى مستوياتها الطبيعية (راضية مرضية)، فتراوحت بين مائة ومائتين وخمسين دينار، في سابقة عجائبية لسوقنا المباركة التي تعوّدت على «الارتفاع «وحده منذ سنوات مسلسل «دالاس» وأنغام «بلاد ميوزيك»..
والحق أن سعر السردين ـ في أحسن حالاته – لا يمكن أن يتجاوز المستوى الذي حققه يوم أمس، (والعهدة على الفسابكة)، غير أن أشباه التجار المتحكمين في دواليب السّوق، اختاروا له أن يظلّ متشبثا بـ»الألف دينار»، رغما عن موجات الحرارة القاسية، وتجمّد حركة البيع، فأشباه التّجار ـ كما تعوّدنا منهم ـ يفضلون أن يلقوا بـ (سردينهم) إلى البحر، على أن يبيعوه بأثمان معقولة..
ويبدو أن (البعضهم) الذين حاولوا التلاعب بأسعار البقوليات، وأطلقوا الإشاعات المغرضة حول (ندرة) مفترضة للسكر، اكتشفوا أن تلاعباتهم صارت أقرب إلى (العمليات الانتحارية) منها إلى الربح السريع، فقد جاء الرّد جهوريا قويا من مختلف المؤسسات والهيئات، وغلّقت أبواب المضاربة غير الشرعية قبل أن تبدأ، بل إن وحدات الأمن حاصرت المضاربين، وتمكنت منهم في وقت قياسي، ما جعل (البعضهم) يوقنون بأن يد القانون هي العليا، وأن الممارسات البائدة لم تعد تجد متسعا في الأرض، بل إنها يمكن أن تخنق (لهفتهم) وتعاقب تلاعبهم بأقوات الناس في أية لحظة.. وعلى هذا ـ فيما نعتقد – لم يجد (السّردين) سوى العودة إلى جادة الصواب، فيفيد ويستفيد بالمعقول، دون ضرر ولا ضرار..
التجارة أخلاق سامية، وخدمات راقية، ومفاتيح لكل خير، لكن أشباه التّجار حوّلوها إلى (مصّ دماء) ومضاربة عمياء، وهؤلاء لا ينفع معهم سوى القانون الصارم، تماما مثلما جاء بها المثل الجزائري الأصيل: «اضّربو.. يعرف مضّربو»..