بهدف القضاء على بطالة حاملي شهادتي الماجستير والدكتوراه، قامت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بتوظيف ما يقارب 8000 أستاذ مساعد قسم -ب- بمختلف المؤسسات الجامعية.
وهذا بعدما وافق رئيس الجمهورية خلال مجلس الوزراء المنعقد بتاريخ الـ 14 ماي 2023 على مقترحات وزير التعليم العالي والبحث العلمي، المتضمنة توظيف وإدماج حاملي هاتين الشهادتين، ضمن المناصب الجامعية، وأمر بناء على التزامه، مع الأساتذة الجامعيين، بمراجعة أجور أساتذة التعليم العالي والباحثين الجامعيين على اختلاف درجاتهم العلمية، لأن هذه الفئة ينبغي أن تحظى باهتمام خاص من الدولة، وباعتبارها المادة الرمادية للجزائر وصمام أمانها، في كل القطاعات، كما أمر بالتحضير لمراجعة شاملة، للقانون الأساسي لأساتذة التعليم العالي، بما يتناسب مع الديناميكية والإستراتيجية الجديدة، التي يشهدها قطاع التعليم العالي والبحث العلمي.
تقول فريدة عبري، أستاذة القانون بجامعة البليدة، أنه قبل سنوات من الآن، عانت فئة حاملي شهادتي الماجستير والدكتوراه من تهميش، وإقصاء غير مسبوق رغم كون هاته الشريحة محسوبة على النخبة، فجاء قرار توظيفهم قبيل سنوات عجاف بمثابة القرار المعجزة على حد وصف عدد كبير منهم، فضلا عن كون العملية هي ذات قيمة مضافة للجامعة الجزائرية، بحيث أنها تمتص بطالة النخبة حاملي الشهادتين علاوة على أثرها البيداغوجي الكبير والواضح على الجامعة الجزائرية، وذلك بارتفاع عدد الأستاذة ليصل لمعدلات عالمية، بحيث سيكون لكل 21 طالبا أستاذ جامعي وهو معدل راقي في الجامعات الدولية ويرشح الجامعة الجزائرية إلى تبوء مكانة معتبرة في مصف الجامعات العربية والإفريقية والمغاربية والعالمية.
من جانبه يؤكد محمد عُمر ملايني، أستاذ علوم الاعلام والاتصال بالمركز الجامعي عبد الله مرسلي بتيبازة أن هذه العملية من شأنها خلق حركية كبيرة في الجامعة، خاصة وأن قرار التوظيف مسّ ما يقارب 10 آلاف أستاذ جامعي وباحث وأستاذ استشفائي، كما أن خطوة التوظيف هذه لا تنعكس بالإيجاب فقط على جودة التعليم والمستوى العلمي، للرقي بالجامعات الجزائرية فحسب من خلال تغطية العجز البيداغوجي ونقص الأساتذة في بعض الجامعات، بل لها أبعاد اقتصادية أبرزها تقليص نسبة البطالة، “فإذا تحدثنا عن الأجور المخصصة فنحن نتحدث عن رقم قياسي غير مسبوق في تاريخ الجامعة”، يضيف المتحدث.
ويردف الأستاذ ميلايني أنه على على الجامعة الجزائرية الآن استغلال هذه الكفاءات في بناء شخصية الطالب وذلك من خلال التوزيع المدروس للأساتذة الجدد، بتقليل عدد الطلبة في القسم وهو ما سيسمح بالجانب التطبيقي الفعّال، خاصة وأن وزير القطاع فتح مجال نشاط الجامعة إلا غاية العاشرة ليلا، ولو أن علامات استفهام كبيرة تطرح في هذه النقطة.
ويختم محدثنا بالقول “نثمن قرار التوظيف ولكن ندعو أيضا إلى مراجعته خاصة مع الأساتذة الأجراء، من أجل الاستفادة من خبراتهم التي اكتسبوها كل في مجاله، وتوظيفها لبناء طالب جامعي يعزز دور الجامعة في رهانات المجتمع”.
من جهته يرى الدكتور ميلود صاولي، أستاذ الإعلام بالمدرسة الوطنية العليا لعلوم الإعلام والاتصال، أنه لابد من النظر إلى هذا القرار من زاوية أن توظيف هذا العدد الهائل وغير المسبوق من الأساتذة الجامعيين من صنف أستاذ مساعد “ب”، سيعمل على معالجة مشكل العجز المسجل في التأطير العلمي والبيداغوجي في مختلف مؤسسات التعليم العالي ومراكز البحث والمثابرة العلمية، ومن ثم الانتقال إلى رفع تحد تحسين جودة التعليم العالي والبحث العلمي، وهنا لابد من الإشارة إلى أن هذه العملية الواسعة لتوظيف أكثر من ثمانية آلاف أستاذ، يجب أن ترافقها دورات تكوينية مفتوحة على مدار السنة وذلك في سبيل مواكبة كل المستجدات والتأقلم مع مختلف الاستراتيجيات العلمية والبيداغوجية التي تتحدد باستمرار تماشيا مع متطلبات المرحلة الراهنة ومقتضيات سوق العمل.