يعمل المشرّع الجزائري على تفعيل العمل بالسوار الالكتروني في مشروع تعديل قانون العقوبات، وبموجبه يقترح القانون مراجعة الأحكام المتعلقة بالعمل للنفع العام، منها رفع العقوبة المقرّرة قانونا للجرائم التي تطبق عليها هذه العقوبة إلى خمس سنوات حبسا بدلا من ثلاثة سنوات، مع إدراج عقوبة بديلة جديدة تتمثل في الوضع تحت المراقبة الإلكترونية الذي يسمح للقاضي باستبدال عقوبة الحبس بوضع المحكوم عليه تحت نظام المراقبة الالكترونية.
مقاربة جديدة تبنّاها المشرع الجزائري من خلال جملة الاصلاحات التي أدخلت على قطاع العدالة، ومواكبة ما ذهبت إليه الاتجاهات الحديثة في التشريعات العقابية خاصة في الحدّ من العقوبات السالبة للحرية والتقليل منها والعمل على الاستفادة من التكنولوجيا الرقمية والتوجّه نحو معاملة المجرمين معاملة إنسانية مع مساعدتهم في الوقت ذاته على تحقيق الغاية من العقوبة.
ويأتي ذلك بعد تكوين إجماع على أن السجن ليس بمكان لإصلاح المحكومين سيما المحكوم عليهم بعقوبات قصيرة الأمد، وهو ما يتماشى مع المفهوم الحديث للعقوبة التي تقوم على إدماج المحكوم عليهم في المجتمع من جديد وتقويمهم دون إدخالهم السجن من خلال استحداث بدائل للعقوبات السالبة للحرية.
وتفعيل العقوبة بموجب تعديل قانون العقوبات، سيتعزّز أكثر خاصة مع وجود مشروع لإنتاج السوار في الجزائر بتقنيات وكفاءات جزائرية، حتى يتمّ التحكّم في هذه التكنولوجيا وتطبيقها بالشكل المطلوب، مع بقاء امكانية مراجعة هذه العقوبة لتصبح أكثر ليونة وتوسّع لتشمل فئات أخرى.
وتعتبر الجزائر ثاني دولة أفريقية بعد أفريقيا الجنوبية، التي تعتمد هذه التقنية المتطوّرة، وكان مقررا أن يشمل هذا النظام كجزء من العقوبات البديلة فقط الأشخاص المحكوم عليهم بعقوبة خفيفة لا تتجاوز الثلاث سنوات لارتكابهم جرائم بسيطة أو المحبوسين ممن لم يتبق من فترة عقوبتهم أكثر من ثلاث سنوات ويمكن إطلاق سراحهم، بعد أن أثبتوا حسن سيرتهم في المؤسسة العقابية، ومن ذلك الأشخاص المتابعين قضائيا غير المحكوم عليه نهائيا والموضوعين تحت الرقابة القضائية، وهو ما سيجنبهم عبء التنقل إلى المحاكم أو مصالح الضبطية القضائية من أجل التوقيع في إطار الرقابة القضائية الكلاسيكية.
في هذا الإطار ثمّن الدكتور السعيد درويش المحامي والأستاذ بكلية الحقوق سعيد حمدين ما تضمّنه مشروع القانون المعدل لقانون العقوبات من بدائل العقوبات من بينها المراقبة الإلكترونية، وتفعيل العمل من جديد بالسوار الالكتروني، مشيرا إلى أن ذلك يندرج في إطار توجّه الدولة نحو إصلاح قطاع العدالة، سيما بتعميم الرقمنة التي من شأنها أن تنعكس بالإيجاب حتى على السياسة العقابية للجزائر باعتبارها آلية لترشيدها عبر البدائل التي تضمّنها مشروع قانون العقوبات.
وحسب د. درويش الرقمنة بقطاع العدالة قطعت أشواطا كبيرة وهامة سهّلت الكثير من إجراءات التقاضي أو تلك المرتبطة بعمل الفاعلين على مستوى المؤسسات العقابية والمحاكم الجزائرية، سيما المحامين وتوسيع ذلك في قانون الإجراءات الجزائية والمدنية من خلال إمكانية تقديم العرائض الكترونيا واطلاع المحامي على مختلف القرارات من المكتب دون الانتقال للمحكمة، ناهيك عن تسهيل التقاضي ومختلف الإجراءات للمواطنين، آملا تعميمها أكثر لتشمل مختلف نشاطات القطاع.
واعتبر المتحدث، أن إعادة تفعيل العمل بالسوار الالكتروني من شأنه تخفيف العبء عن المؤسسات العقابية والتي تعرف ضغطا كبيرا في السنوات الأخيرة، سواء من حيث الإمكانيات المادية، البشرية أو بتسخير مزيد من السجون، ناهيك عن بني مقاربة جديدة في السياسة العقابية عن الجرائم الأقل خطورة أو فئة المدانين في قضايا غير جنائية، مقارنة بالجنايات كالجريمة المنظمة مثلا.
وأوضح د. درويش، أن تطبيق المراقبة الإلكترونية أرفقها المشرّع الجزائري بجملة من الشروط القانونية التي على المدان الالتزام بها، ناهيك عن تقديم ضمانات للاستفادة من العقوبة الالكترونية أو أثناء استخدامها، من بينها عدم نزع السوار الإلكتروني والتخلص منه وعدم إخفاء مكان تواجده بأي طريقة كانت، وعدم التنقل خارج الإطار الجغرافي أو الحدود الإقليمية المحددة له من قبل السلطة القضائية.