الدورة البرلمانية المقبلة في الجزائر فصل جديد في مسيرة تشريعية مهمة، حيث تعمل السلطات العمومية على تطوير البنية القانونية في البلاد وتعزيزها لتتوافق ومقتضيات العصر.
من بين هذه القضايا التي تستحق إلقاء الضوء عليها، إدراج الجماعات الإجرامية المنظمة في قانون العقوبات الجديد.
تجسيداً للالتزام بمكافحة الجريمة وضمان الأمن والاستقرار في الوطن، وتأتي هذه الخطوة كجزء من جهود الحكومة للتصدي للتحديات الأمنية ومختلف أشكال الجريمة المنظمة التي تمثل تهديداً للمجتمع وسلامته. ويُعَدّ هذا القانون خطوة مهمة نحو تعزيز السلطة القانونية وتحقيق العدالة.
ما هي الجماعة الإجرامية المنظمة حسب القانون الجديد؟
يقترح المشروع إدراج تعريف للجماعة الإجرامية المنظمة يتوافق مع أحكام اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية. ووفقاً لهذا التعريف، تعد جماعة إجرامية منظمة كل جماعة محدّدة البنية، تتشكل من ثلاثة أشخاص أو أكثر، تهدف إلى ارتكاب واحدة أو أكثر من الجرائم الخطيرة، المعاقب عليها بعقوبة السجن لمدة خمس سنوات على الأقل، من أجل الحصول على منفعة مالية أو مادية أخرى.
وتعد جريمة عبر الوطنية طبقاً لهذا المشروع، كل جريمة عابرة للحدود الوطنية، ترتكبها جماعة إجرامية منظمة أو يشاركون فيها أو يخططون لها أو يمولونها أو يشرعون فيها.
أهمية القانون
من المعروف أن الجماعات الإجرامية المنظمة تمثل تهديداً خطيراً للأمن والاستقرار في أي مجتمع. تتميز هذه الجماعات بتنظيمها الهرمي، وتحقيقها للأهداف الجرمية بشكل منظم، سواءً كانت في مجالات الاتجار بالمخدرات، الاتجار بالبشر، غسيل الأموال، أو غيرها من الأنشطة الإجرامية. ومع انتشارها السريع في مناطق مختلفة، أصبح من الضروري تعزيز القوانين الجزائرية لمكافحة هذه الظاهرة الخطيرة.
يعمل مشروع قانون العقوبات الجديد على تعزيز السلطة القانونية للدولة في مكافحة الجريمة المنظمة من خلال إدراج الجماعات الإجرامية المنظمة في نطاقه. وبموجب هذا المشروع، يُعرَّف تشكيل جماعة إجرامية منظمة بأنها جماعة تتألف من ثلاثة أشخاص على الأقل، وتهدف إلى ارتكاب جرائم تستوجب عقوبات تزيد عن خمس سنوات من السجن. تمثل هذه الخطوة قفزة نوعية في مجال مكافحة الجريمة، حيث تمكّن الأجهزة الأمنية من العمل بكفاءة أكبر للقبض على أفراد هذه الجماعات وإحالتهم للعدالة.
من جهة أخرى، يرى الدكتور في القانون الدولي “توفيق بوحاتم” أن هذا المشروع ضروري في ضوء زيادة نشاط الجماعات الإجرامية المنظمة في منطقة الساحل الإفريقي، والتي تُعرَف قانونا بأنها جريمة عبر وطنية. تعدّ هذه المنطقة بؤرة تنامي للجريمة المنظمة، حيث تستغل بعض الجماعات الإجرامية الفراغات الأمنية والاقتصادية في تلك المناطق لنشر نشاطاتها الإجرامية. وبذلك، يصبح إقرار مشروع قانون العقوبات الجديد أمراً حيوياً لحفظ الأمن والصيانة في هذه المنطقة المهمة.
في الختام، يبرز مشروع قانون العقوبات الجديد في الجزائر أهمية مكافحة الجماعات الإجرامية المنظمة وتصدي لتهديداتها.
يمثل هذا التشريع القانوني خطوة جادة نحو تحقيق الأمن والعدالة في المجتمع، وتعزيز سلطة القانون لمواجهة التحديات الراهنة والمستقبلية.