لم يكد الفرنسي ماكرون يكمل حديثه عمّا وصفه بـ”وباء” الانقلابات الذي أصاب المناطق الناطقة بـ”الفرنسية”، حتى (صدّقه) الغابون، وأعلن عن «إلغاء» نتائج الرئاسيات التي يقال (والله أعلم) أن نتائجها (طُبخت) في باريس، وأسّس لها ماكرون نفسه بزيارة إلى «ليبروفيل» جعلها (مهرا) للمساندة المطلقة لـ”المصالح الفرنسية الضيّقة” (بطبيعة الحال).. والعهدة على الإعلام الفرانساوي..
والحق أن «الانقلابات» – مهما تكن – غير مقبولة في العالم الحديث الذي تعارف على (الدّيمقراطية) و(الحريّة) و(الشّرعية الدّستوية) وما شابه من الشعارات التي تتردّد كل يوم، غير أن حداثة هذا العالم، هي نفسها التي تفرض الانقلابات وتزكيها وتمنح لها مسوّغاتها، بل إن هذه (الحداثة) هي التي تقسم العالم بين «شمال» يجب أن يحظى بالرفاه، و»جنوب» حظه «الفقر» و(سواد السّعد)، فـ»العالم الحرّ» (مجازا)، لا يعترف بـ»الحريّة» و»العيش الكريم» إلا لحاضنته (المباركة جدّا جدّا)، كي يفرض على بقية العالم، وإفريقيا بصفة خاصة، كل أشكال الكولونياليات المستحدثة، فيتسلل (جهارا نهارا) إلى برامج التربية والتعليم والتكوين، وينهب الفلاحة، ويستغل الصناعة، ويدسّ أنفه في أدقّ تفاصيل المعيشة، و(يستولي) على المقدّرات والأرزاق، في مقابل ما يوزّع من «أنوار الحداثة» المزعومة!!..
صحيح.. الانقلابات غير مقبولة، وهي لم تكن لتحدث لو أن «الاستعمار» لم يتشبث بضلاله القديم، واعترف بحق الانسان في الحياة الكريمة، ولا نعلم كيف أمكن للفرنسي ماكرون أن يصمّ مسمعيه عن صرخات الأفارقة الرافضة للوجود الفرنسي بقارة تلفظه وترفضه.. لماذا لم يخطر على باله أن «الفكر الكولونيالي» وباء كامل الأوصاف؟! ولماذا لم يلاحظ أن الاستعمار أخطر الأوبئة وأشدّها فتكا؟!