ينتهج مجمع سونطراك مقاربة اقتصادية ذات نجاعة كبيرة، بعد شقه لمسار تعميق الاستثمار وتنويع بناء الشراكات والنتائج تجسد على أرض الواقع، بالنظر للتقدم الكبير في الظفر باستكشافات جديدة ستضع الجزائر في موقع ريادي ضمن قائمة المنتجين، في ظرف يتسم بتزايد مطرد على الطلب حول الطاقة سواء كانت أحفورية أو غير تقليدية.
كل ذلك تضمنه التقرير السنوي المفصل لعام 2022، علما أنه لا يخلو من إنجازات عام 2023 قبل نهايته ويتعلق الأمر بعقود الشراكة المبرمة. وعكست الأرقام والمشاريع ونمو الحصيلة، الوتيرة السريعة التي تبناها المجمع مباشرة بعد انتهاء جائحة كورونا، خاصة في ظل ارتفاع أسعار الغاز والنفط.
في كل مرة يجري التأكيد أن الجزائر، بحكم موقعها الجغرافي الجيواستراتيجي، من الدول الثرية، لأن باطن أرضها غني بالطاقة والمناجم الواسعة، حيث تبلغ أكثر من 1.5 مليون كيلومتر مربع، ولا تزال الكثير منها غير مستكشفة، وينتظر منها مستقبلا أن توفر إمكانيات لموارد هائلة من الطاقة بمختلف أنواعها، سواء التقليدية أو غير تقليدية وكذا البحرية. وفي هذا الظرف الذي يسجل تزايد الطلب العالمي على النفط والغاز، مازالت الجزائر تقوم بدور ريادي في أسواق الغاز الخارجية، على اعتبار أنها أول ممول لإيطاليا وثاني ممول لإسبانيا، وثاني ممول للغاز الطبيعي المسال لكل من تركيا واليونان.
الوفاء بالالتزامات وتلبية طلبات الزبائن
ذكر التقرير أن الجباية البترولية المدفوعة سجلت ارتفاعا بلغ نحو 5.548 مليار دج، بزيادة قدرها 113٪ مقارنة بالعام المالي 2021. أما الربح العادي قبل الضريبة ناهز 1.848 مليار دج بزيادة 174% مقارنة بالعام المالي 2021. في حين على صعيد الاستكشافات، سجل في عام 2022، خمسة عشر (15) اكتشافًا جديدا للمحروقات، بما في ذلك ثلاثة اكتشافات أنجزت في إطار الشراكة تم تنفيذها، مما يسمح بتسليط الضوء بحجم المحروقات من 117.4 مليون طن مكافئ منها 86% نفط و14% غاز.
تميز عام 2022 بـ»تعافي البيئة الاقتصادية بعد جائحة كوفيد والتوترات الناتجة عن الأزمة الروسية- الأوكرانية وتأثيرها على إمدادات الطاقة في العالم».
وفي مواجهة هذا السياق من الأزمة، أثبتت سوناطراك استجابتها من خلال الوفاء بالتزاماتها وتلبية طلبات زبائنها التقليديين، مما يؤكد سمعتها كشريك آمن وموثوق.
على صعيد التسويق، سجلت الحصيلة نموا كما في 2020 و2021، لأن مجمع سوناطراك مرة أخرى واصل رفع التحدي المزدوج المتمثل في الإمداد المنتظم للسوق الوطنية بالغاز والمنتجات النفطية، وطرح الحد الأقصى من وحدات التخزين للمحروقات في السوق الدولية.
قفزة في التصدير ونمو إيرادات النفط
وأفاد الرئيس المدير العام للمجمع توفيق حكار، أن سونطراك نجحت في تعزيز مكانتها كلاعب رئيسي في السوق الطاقة، ولا يخفى دعم شركائها، حيث بذلوا جهدا عام 2022 من خلال إبرام عقدين للتطوير والاستغلال، فيما يتعلق بالحقول الموجودة في زرزايتين وبركين. كما يرى حكار أن هذه الوتيرة في إبرام الاتفاقيات، يعكس جاذبية متجددة لقطاع الطاقة الجزائري، خاصة بعد صدور القانون الجديد للمحروقات. وبفضل هذا الالتزام القوي سجلت قفزة في سقف التصدير وارتفاع في إيرادات النفط والتي ناهزت تقريبا 60 مليار دولار، مما أكد تسجيل قفزة محسوسة بنسبة 69٪ مقارنة بالعام الماضي.
وقال الرئيس المدير العام في كلمته الافتتاحية للتقرير السنوي، إنه خلال عام 2022، سجل المجمع نتيجة صافي الربح أكثر من 10 ملايير دولار، في حين المساهمة في ضريبة المحروقات ارتفعت إلى ما يعادل 39 مليار دولار، أي إلى ضعف ما تم دفعه خلال عام 2021.
وبخصوص الالتزامات البيئية، أشار المسؤول الأول في مجمع سونطراك، أنه حددت، لأول مرة، في عام 2022، خارطة الطريق الخاصة بالمجمع في إطار الانتقال الطاقوي، يحذوها طموح من أجل خفض البصمة الكربونية في عملية الإنتاج كما في عام 2021. واستمرت جهود الحد من حرق الغاز، حيث تواصل جنبا إلى جنب مع مشاريع أخرى على مستوى مواقع الإنتاج. علما أن سنة 2022 شهدت وضع الحجر الأول لمشروع محطة جديدة للطاقة الشمسية الكهروضوئية «BRN2»، كجزء من الشراكة مع الشركة الايطالة إيني، تم ربطها بأول محطة للطاقة الكهروضوئية «BRN1».
ومن شأن هذا المصنع الجديد إمداد المنشآت من خلال إنتاج 10 ميغاوات إضافية من الطاقة الكهربائية. يضاف إلى كل ذلك، افتتاح وحدة متخصصة في الطاقة الشمسية، والهدف منها تقييم التقنيات الكهروضوئية وقياسها البيانات البيئية بمساعدة أنظمة ذكية.
أهم اتفاقيات الشراكة المبرمة في 2023
واتسمت سنة 2023 بتوقيع العديد من الاتفاقيات مع عدة شركاء ومن شأن ذلك أن يطور من القدرات الإنتاجية للمجمع وينوعها، على خلفية توقيع شركة سوناطراك وتوتال إينرجي الفرنسية مجموعة من العقود شملت المحروقات والطاقات المتجددة للتطوير والاستغلال.
إلى جانب ذلك، منحت الشركة الفرعية التابعة 100٪ لسوناطراك «Spa Polymers STEP»، عقدا على صيغة هندسة، إمداد وبناء لفائدة التجمع الدولي HQC-PETROFAC على مستوى المنطقة الصناعية بأرزيو وهران، بهدف إنجاز مشروع مركب بتروكيماوي بقدرة إنتاج 550 ألف طن سنويا من مادة البولي بروبلين بمبلغ 1.5 مليار دولار.
كما أبرمت سوناطراك مع شريكتيها، الاندونيسية بيرتامينا والاسبانية ريبسول، على عقد محروقات يخص الحوض التعاقدي «منزل لجمات» (كتلة 405أ) بمقتضى القانون 19-13 المسير لنشاطات المحروقات.
وتربط الشركة الاندونيسية بيرتامينا مع الشركة الاسبانية ريبسول حاليا، شراكة مع سوناطراك في عقد لجمات وأولاد نصير (الكتلتين 405 و215) وتشترك الشركات في اطار هذا العقد في استغلال حقول MLN والحقول التابعة (09 حقول) وحقل أوغرود الموحد وكذا حقل المرق الموحد.
علما أن برنامج الأشغال يتضمن خاصة إنشاء وحدة لاستخراج غاز البترول المسال وأشغال حفر 12 بئرا نفطية وبئر واحدة لحقن المياه وكذلك ربط الآبار التطويرية الجديدة وصيانة المنشآت الحالية.
يذكر، أن برنامج العقد الجديد يتضمن مشروع الحقن التبادلي للماء والغاز، بالإضافة إلى مشروع مخصص للرقمنة، مع دراسة مخبرية تتعلق بالاستخراج المعزز للنفط ومشروع توليد الكهرباء عن طريق الطاقة الشمسية.