يحمل الدخول الاجتماعي الجديد العديد من المؤشرات الإيجابية والرهانات التنموية التي تسابق الجزائر الزمن من أجل تكريسها، وعلى صعيد الجبهة الاجتماعية، دون شك لن تدخر جهدا لمرافقة خطوات الإصلاح والتنمية من خلال عالم الشغل والطبقة العمالية.
تواصل الحكومة السهر على تجسيد برنامج رئيس الجمهورية وتنفيذ التزاماته التي ترى النور بشكل مستمر على أرض الواقع، منها التزامات ذات طابع اقتصادي وأخرى بأبعاد اجتماعية، من ضمنها الزيادات التي مست أجور العمال والموظفين، وكبح المضاربة في الأسواق وتحسين القدرة الشرائية، وشق مسار تجسيد المشاريع الاقتصادية الكبرى وتشييد البنى التحتية، ومنجزات أخرى تصب كلها في إطار التغيير الكبير الذي تشهده الجزائر، وسيتم استئناف الوتيرة السريعة في مسعى هذا التغيير المنشود وبمنحى تصاعدي واعد، خلال هذا الدخول الاجتماعي.
إنها بداية جديدة مع العودة من العطلة الصيفية السنوية، حيث يسجل، بحر الأسبوع الجاري، عودة العمال والموظفين والأساتذة إلى المدارس والجامعات، وكذا نواب البرلمان لاستئناف دورة برلمانية جديدة ستكون ثرية من حيث طرح مشاريع القوانين لتكريس المزيد من الإصلاحات المهمة، على اعتبار أن الترسانة التشريعية تعد بمثابة العمود الفقري للإصلاحات ومعركة البناء، ما يعني أن السلطة التشريعة تجعل من الدخول الاجتماعي الجديد موعدا لطرح نصوص تشريعية جديدة ستكون لها آثارها الواضحة على تحسين الواقع المعيش، وتوسيع الآفاق ضمن الرؤية الجديدة التي اعتمدتها الجزائر الجديدة، منذ انتخاب الرئيس تبون.
تنمية.. بسرعة قصوى
من جهة أخرى، تستأنف مختلف القطاعات الوزارية، خاصة الحيوية منها، وتلك التي يعول عليها في ضخ الثروة واستحداث القيمة المضافة، على غرار قطاعات الفلاحة والصناعة والطاقة، عبر مواصلة توسيع نسيج المؤسسات واستغلال أمثل للقدرات، إلى جانب وضع المورد البشري في قلب التحول الاقتصادي والاجتماعي، بهدف تحقيق مكاسب ثمينة للاقتصاد الوطني عبر عملية تجنيد الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين والتي ستكون – دون شك – تلقائية، على اعتبار أن الجميع يجعلون هدفهم الأسمى كسب الرهان الاقتصادي وجعل المنظومة الاقتصادية في صدارة التطور، بما يسمح بالانتقال إلى مستوى يكفل تسريع الواقع التنموي بالجزائر.
فتوحات جامعية متواصلة..
المنظومة الجامعية تستعيد بدورها نشاطها، وإن لم يتوقف طوال أشهر العطلة، من أجل تحضير أجواء استقبال الفائزين الجدد بالبكالوريا، ووضع الروتوشات الأخيرة على «مشروع صفر ورق» الذي حقق نتائج مبهرة، بعد أن حققت خلال فترة زمنية قصيرة – خاصة خلال الموسم الدراسي الماضي – اندماجا مشجعا في الحياة الاقتصادية، سواء على صعيد ربط جسور التعاون مع المؤسسات الإنتاجية ووضع أبحاثها ومخابرها في متناول المتعامل الاقتصادي، أو على مستوى الدينامية التي عرفتها المدرجات والمخابر، إلى جانب سعيها نحو تكوين مورد يتناسب وينسجم مع طلب سوق العمل الذي بات يشهد تطورا رهيبا بفضل الثورة الصناعية الرابعة وما تحمله من رقمنة وذكاء اصطناعي.
ومن أبرز ما نجحت الجامعة في بلوغه، وسيتم تعميمه خلال هذا الموسم الجديد، نذكر مذكرة تخرج ومشروع ابتكاري وكذا مؤسسة ناشئة للكثير من الطلبة الجامعيين وهذا ما صنع الفارق في حصيلة أداء المنظومة الجامعية.
تفاؤل كبير وارتياح محسوس يطبع الدخول الاجتماعي هذا العام، لتكون بداية سبتمبر الجاري حاملة لكثير من المؤشرات الإيجابية، وباعثة على كثير من الاطمئنان في استئناف وتيرة الأداء التنموي بالسرعة القصوى، وفي الوقت نفسه تثمين المورد البشري عبر التكوين والتشجيع على الانخراط في الحياة الاقتصادية، إلى جانب العمل على امتصاص البطالة، في ظل عزم الحكومة على استكمال المشاريع الكبرى، في إطار احترام آجال تسليم المشاريع المختلفة، وإنجازات البنى التحتية، واستغلال كل الفرص المتاحة أحسن استغلال.
كل شيء جاهز للدخول المدرسي..
بالموازاة مع كل ذلك، يجري التحضير من أجل ضمان دخول مدرسي جيد، من خلال تدشين هياكل تربوية جديدة وتوفير الكتب، إضافة إلى استباق أي محاولة للمضاربة غير الشرعية، من خلال توفير المستلزمات المدرسية بأسعار تنافسية، سواء المصنعة محليا أو تلك المستوردة، وقطع جميع سبل التلاعب بمقدرات الجزائريين، عبر فتح نقاط بيع عبر جميع بلديات الوطن، وفرض أسعار في متناول المستهلك، دون إغفال عنصر الجودة الذي سيكون تحت مجهر الرقابة.
بخصوص التحضير للدخول المدرسي، استفاد 383 مجمع مدرسي بالعاصمة من عمليات تهيئة، منها 350 عملية يتم الإشراف عليها من طرف البلديات بغلاف مالي قدره 9,7 مليار دج، وهذا تحسبا للدخول المدرسي المقبل، بحسب ما علم لدى مصالح ولاية الجزائر. كما استفادت 630 مدرسة و74 مطعما مدرسيا من عمليات تهيئة على عاتق البلديات بغلاف مالي يقدر بـ7,5 مليار دينار، وتتعلق هذه العمليات أساسا بإنجاز أشغال الكتامة، اقتناء التجهيزات، تهيئة المدافىء والطاقة الشمسية.
من جهته، يتسلم قطاع التربية بولاية تبسة عدة هياكل تربوية جديدة في الأطوار التعليمية الثلاثة، حيث سيتم دخول حيز الاستغلال 6 مدارس ابتدائية جديدة وما مجموعه 111 قسم توسيعي، إلى جانب 5 مطاعم مدرسية ومطعمين مركزيين بعاصمة الولاية، كما سيتم استلام متوسطة الشهيد «نصيب أحمد» ببلدية صفصاف الوسرى (جنوب الولاية) ومتوسطة أخرى بالقطب الحضري «الدكان» بعاصمة الولاية، إضافة إلى ملحقة لمتوسطة فم السد ببلدية ثليجان وأربعة أقسام توسيعية ببلدية العقلة المالحة، بحسب ما أشار إليه ذات المصدر. مفيدا بأنه سيتم أيضا فتح ثانوية «شرفي الطيب» ببلدية الشريعة وملحقة ثانوية ببلدية المزرعة وثلاث حجرات توسيعية بثانوية «مالك بن نبي» بتبسة.
هذه الهياكل التربوية الجديدة من شأنها تخفيف الضغط على المؤسسات التربوية المجاورة والقضاء على الاكتظاظ داخل الأقسام بغية تحصيل علمي أفضل للتلاميذ، مشيرا إلى أن أشغال تجهيزها ستنتهي «في غضون الأيام القليلة القادمة»، حيث يتم العمل حاليا على وضع آخر اللمسات عليها لاستقبال التلاميذ في أحسن الظروف، مؤكدا على ضرورة توفير المناخ الملائم للتمدرس.
بلدية المغير بدورها استفادت من مشاريع تربوية جديدة بالطورين الابتدائي والثانوي من شأنها تحسين ظروف التمدرس للتلاميذ، حيث تخصص للأحياء والقرى ببلدية مقر الولاية التي تعاني من ظاهرة الاكتظاظ في الحجرات الدراسية، على غرار حي 17 أكتوبر الذي استفاد من مشروع إنجاز ثانوية، ومدرستين ابتدائيتين، ومشروع إنجاز قسمين جديدين بالمدرسة الابتدائية ‘’باسو لخضر’’، فيما استفادت قرية طرفاية صالح من مشروع إنجاز مدرسة ابتدائية، وكذا اختيار أرضية لبناء ابتدائية بجانب متوسطة ‘’20 أوت’’.
واستلم قطاع التربية الوطنية بولاية سطيف 6 مدارس ابتدائية جديدة و55 قسما توسيعيا و4 مطاعم مدرسية تحسبا للدخول المدرسي، وذلك ببلديات عين ولمان واثنتين بالعلمة وواحدة بعاصمة الولاية ومدرسة واحدة ببلدية بني ورثلان وأخرى ببلدية حربيل بأقصى شمال سطيف.
وسيتم في غضون الأيام القليلة المقبلة استلام مدرستين بالقطب الحضري الجديد «تينار» و8 مطاعم مدرسية أخرى و52 قسما توسيعيا ووحدتين للكشف والمتابعة الصحية في الوسط التربوي ببلديتي القلتة الزرقاء وآيت تيزي وقاعة للرياضة بثانوية عزوز السعيدي ببلدية عين السبت، مما سيمكن من تخفيف الضغط على الهياكل التربوية الموجودة عبر الولاية.
الجزائر الجديدة.. الأولوية للتنمية
هو دخول اجتماعي واقتصادي ومدرسي جديد واعد، من أجل خوض مرحلة جديدة من الأداء الجدي والجيد في مسار تنمية الوطن، بواسطة إشراك الجميع في مواجهة هذا التحدي، لأن تثمين العمل يعد القيمة المضافة الجوهرية وركيزة أي معركة تنموية يتم خوضها للتقدم، أي التركيز على القدرات البشرية واستغلالها أحسن استغلال، بل ووضعها في مكانها المناسب، من أجل الاستفادة من الكفاءات في مختلف المجالات، لأن هذا المورد يعد سر تطور العديد من الدول التي مازالت تحرص على استقطاب الكفاءات، من أجل السيطرة على الأسواق الخارجية بفضل التحكم في التكنولوجيا.